للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مالكٍ أنَّ ما كانَ مِنْ ذلك على وَجهِ المَكرِ والخَديعةِ فهو فيه آثمٌ حانِثٌ وما كان على وَجهِ العُذرِ فلا بأسَ به، وقالَ ابنُ حَبيبٍ عن مالكٍ: ما كانَ على وَجهِ المَكرِ والخَديعةِ فله نَيتُه وما كانَ في حقٍّ فهو على نِيةِ المَحلوفِ له، قالَ القاضِي: ولا خِلافَ في إِثمِ الحالِفِ بما يَقعُ به حقُّ غيرِه وإنْ ورَّى، واللهُ أَعلمُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رشدٍ : اتَّفَقوا على أنَّ اليَمينَ على نِيةِ المُستَحلفِ في الدَّعاوَى واختلَفُوا في غيرِ ذلك مثلَ الأَيمانِ على المَواعيدِ فقالَ قومٌ: على نِيةِ الحالفِ وقالَ قومٌ: على نِيةِ المُستَحلفِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ العَربيِّ المالِكيٌّ : إذا صرَّحَ بالقَولِ في اليَمينِ لم يَنفعْه ما نَوى إذا أَضمَرَ مِنْ مَعنى اليَمينِ خِلافَ الظاهرِ منها؛ لقولِ النَّبيِّ: «يَمينُك على ما يَصدقُك عليه صاحِبُك» وهو حَديثٌ صَحيحٌ ومَعنى قَويمٌ مُتَّفقٌ عليه (٣).

وقالَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : ونَظيرُ هذا أنْ يَتأولَ الحالِفُ في يَمينِه إذا استَحلفَه الحاكمُ لفَصلِ الخُصومةِ، فإنَّ يَمينَك على ما يَصدقُكَ به صاحِبُك، والنِّيةُ للمُستَحلفِ في مثلِ هذا باتِّفاقِ المُسلِمينَ، ولا يَنفعُه التَّأويلُ وِفاقًا، وكذلك لو تَأوَّلَ مِنْ غيرِ حاجةٍ لَم يَجزْ عندَ الأَكثرِ مِنْ العُلماءِ (٤).


(١) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١١٧، ١١٨).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٤).
(٣) «أحكام القرآن» (٢/ ٢٥١).
(٤) «الفتاوى الكبرى» (٣/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>