إلا إذا حلَفَ بالطَّلاقِ أو العِتاقِ عندَ الحَنابِلةِ في ظاهرِ المَذهبِ؛ لأنَّه مُعلَّقٌ بشَرطٍ فيَقعُ بوُجودِ شَرطٍ مِنْ غيرِ قَصدٍ كما لو قالَ:«أنتِ طالقٌ إنْ طلَعَت الشَّمسُ أو قدِمَ الحاجُّ»؛ لأنَّ هذا يَتعَلقُ به حقُّ آدمِيٍّ فتَعلَّقَ الحُكمُ به معَ النِّسيانِ كالإِتلافِ، ولأنَّه حُكمٌ عُلقَ على شَرطٍ فيُوجَدُ بوُجدانِ شَرطِه كالمَنعِ مِنْ الصَّلاةِ بعدَ العَصرِ.
وفي رِوايةٍ عن أَحمدَ: لا يَحنَثُ؛ لأنَّ الناسِيَ لا يُكلَّفُ حالَ نِسيانِه فلا يَلزمُه الحِنثُ كالحَلفِ باللهِ تَعالى (١).
وقالَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: والإِفتاءُ بهذا الأَصلِ لا يَحتاجُ إليه في الغالبِ بل غالبُ مَسائلِ الاِيمانِ بالطَّلاقِ والعِتاقِ واليَمينِ باللهِ تَعالى والنَّذرِ والحَرامِ ونحوِ ذلك يَحتاجُ فيه إلى قَواعدَ.
(القاعِدةُ الأُولى): إذا حلَفَ لا يَفعلُ شيئًا ففعَلَه ناسِيًا ليَمينِه أو جاهِلًا بأنَّه المَحلوفُ عليه فلِلعُلماءِ فيه ثَلاثةُ أَقوالٍ:
(أحدُها): لا يَحنَثُ بحالٍ في جَميعِ الأَيمانِ وهذا مَذهبُ المَكييِّنَ كعَطاءٍ
(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٦٧)، و «كفاية الأخيار» ص (٥٩٤)، و «المغني» (٩/ ٣٩١، ٤٢٠)، و «المبدع» (٧/ ٣٦٩، ٣٧٠)، و «الفروع» (٦/ ٣٤٧)، و «الإنصاف» (٩/ ١١٤)، (١١/ ٢٤، ٢٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٠١)، و «الروض المربع» (٢/ ٦٠٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٤١٦)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٧٥، ٣٧٦)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٨٥).