وابنِ أبِي نُجيحٍ وعَمرِو بنِ دِينارٍ وغيرِهم ومَذهبُ إِسحاقَ بنِ راهوَيهِ وهو أَحدُ قولَي الشافِعيِّ بل أَظهرُهما وهو إِحدى الرِّوايتَينِ عن أَحمدَ ونظَرتُ جَوابَه في هذه الرِّوايةِ فوجَدتُ الناقِلينَ له بقدرِ الناقِلينَ لجَوابِه في الرِّوايةِ الثانيةِ التي اختارَها الخَّلالُ صاحبُه والخِرقُي والقاضِي وغيرُهم مِنْ أَصحابِه، وهو الفرقُ بينَ اليَمينِ المُكفِّرةِ كاليَمينِ باللهِ تَعالى والظِّهارِ والحَرامِ واليَمينِ التى لا تُكفَّرُ على مَنصوصِه وهي اليَمينُ بالطَّلاقِ والعِتاقِ.
و (القولُ الثالِثُ): أنَّه يَحنَثُ في جَميعِ الأَيمانِ وهو مَذهبُ أَبي حَنيفةَ ومالكٍ وأَحمدَ في الرِّوايةِ الثالِثةِ عنه.
والقولُ الأَولُ أَصحُّ؛ لأنَّ الحضَّ والمَنعَ في اليَمينِ بمَنزلةِ الطاعةِ والمَعصيةِ في الأَمرِ والنَّهي؛ فإنَّ الحالفَ على نفسِه أو عبدِه أو قَرابتِه أو صَديقِه الذَّي يَعتقِدُ أنَّه يُطيعُه هو طالبٌ لِما حلَفَ على فِعلِه مانعٌ لما حلَفَ على تَركِه، وقد وكَّدَ طلبَه ومنَعَه باليَمينِ فهو بمَنزلةِ الأَمرِ والنَّهيِ المُؤكدِ، وقد استَقرَّ بدِلالةِ الكِتابِ والسُّنةِ أنَّ مَنْ فعَلَ المَنهيَّ عنه ناسيًا أو مُخطئًا فلا إِثمَ عليه ولا يَكونُ عاصِيًا مُخالِفًا فكذلك من فعَلَ المَحلوفَ ناسِيًا أو مُخطِئًا فإنَّه لا يَكونُ حانِثًا مُخالِفًا ليَمينِه ويَدخلُ في ذلك مَنْ فعَلَه مُتأَولًا أو مُقلِّدًا لمَن أَفتاه أو مُقلِّدًا لعالمٍ مَيتٍ أو مُجتَهدًا مُصيبًا أو مُخطئًا فحيثُ لَم يَتعمَّدِ المُخالَفةَ ولكنْ اعتَقدَ أنَّ هذا الذي فعَلَه ليسَ فيه مُخالَفةً لليَمينِ فإنَّه لا يَكونُ حانِثًا (١).