للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأما الأَيمانُ فمنها ما يُكفَّرُ بإِجماعٍ ومنها ما لا كَفارةَ فيه بإِجماعٍ ومنها ما اختُلفَ في الكَفارةِ فيه، فأما التي فيها الكَفارةُ بإِجماعٍ مِنْ عُلماءِ المُسلِمينَ فهي اليَمينُ باللهِ على المُستَقبلِ مِنْ الأَفعالِ، وهي تَنقسِمُ قِسمَينِ: أَحدُهما: أنْ يَحلفَ باللهِ ليَفعَلنَّ ثم لا يَفعلُ، والآخرُ: أنْ يَحلفَ أنْ لا يَفعلَ في المُستَقبلِ أيضًا ثم يَفعلُ (١).

وقالَ في «الاستِذكار»: والوَجهُ الثالثُ هو اليَمينُ في المُستَقبلِ (واللهِ لا فعَلتُ) (واللهِ لأَفعَلنَّ) لَم يَختَلفِ العُلماءُ أنَّ على مَنْ حنِثَ فيما حلَفَ عليه مِنْ ذلك الكَفارةُ التي ذكَرَ اللهُ في كِتابِه في قوله ﷿: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] يَعني: فحنَثْتم (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ حزمٍ : ومَن حلَفَ بما ذكَرْنا أنْ لا يَفعلَ أمرَ كذا، أو أنْ يَفعلَ أمرَ كذا، فإنْ وقَّتَ وقتًا، غدًا أو يومَ كذا، أو اليومَ، أو في يومٍ يُسمِّيه، فإن مَضى ذلك الوقتُ ولَم يَفعلْ ما حلَفَ أن يَفعلَه فيه عامِدًا ذاكِرًا ليَمينِه، أو فعَلَ ما حلَفَ أنْ لا يَفعلَه فيه عامِدًا ذاكِرًا ليَمينِه، فعليه كَفارةُ اليَمينِ، هذا ما لا خِلافَ فيه مِنْ أحدٍ، وبه جاءَ القُرآنُ والسُّنةُ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : وأَجمَعوا على أنَّ اليَمينَ المُنعقِدَ هو أنْ يَحلفَ باللهِ على أمرٍ في المُستَقبلِ على أنَّ يَفعلَه أو لا يَفعلَه، وإذا حنِثَ وجَبَت عليه الكَفارةُ (٤).


(١) «التمهيد» (٢١/ ٢٤٧).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ١٩٢).
(٣) «المحلى» (٨/ ٣٢).
(٤) «الإفصاح» (٢/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>