للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا واجبٌ على الأُمةِ في كلِّ ما تنازعَتْ فيه مِنْ الأُمورِ الاعتقاديةِ والعِمليةِ قالَ تَعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [البقرة: ٢١٣].

وقالَ تَعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ١٠]، وقالَ: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] فالأُمورُ المُشتركَةُ بينَ الأُمةِ لا يَحكمُ فيها إلا الكِتابُ والسُّنةُ ليسَ لأَحدٍ أنْ يُلزمَ الناسَ بقَولِ عالمٍ ولا أَميرٍ ولا شَيخٍ ولا مَلكٍ.

ومَن اعتقَدَ أنَّه يَحكمُ بينَ الناسِ بشَيءٍ مِنْ ذلك ولا يَحكمُ بينهم بالكِتابِ والسُّنةِ فهو كافرٌ، وحُكامُ المُسلِمينَ يَحكمونَ في الأُمورِ المُعينةِ لا يَحكمونَ في الأُمورِ الكُليةِ، وإذا حكَمُوا في المُعيَّناتِ فعليهم أنْ يَحكموا بما في كِتابِ اللهِ، فإنْ لمْ يَكنْ فبما في سُنةِ رَسولِ اللهِ ، فإنْ لمْ يَجدوا اجتهَدَ الحاكمُ برَأيه.

وقد قالَ النَّبيُّ : «القُضاةُ ثَلاثةٌ: قاضِيانِ في النارِ، وقاضٍ في الجَنةِ، فمَن علِمَ الحقَّ وقَضى به فهو في الجَنةِ، ومَن علِمَ الحقَّ وقَضى بخِلافِه فهو في النارِ، ومَن قَضى للناسِ على جَهلٍ فهو في النار» (١).

وإذا حكَمَ بعِلمٍ وعَدلٍ فإذا اجتهَدَ فأصابَ فله أَجرانِ، وإذا اجتهَدَ فأخطَأَ فله أَجرٌ كما ثبَتَ ذلك في الصَّحيحينِ عن النَّبيِّ » (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٧٣)، والترمذي (١٣٢٢)، وابن ماجه (٢٣١٥).
(٢) «منهاج السنة النبوية» (٥/ ١٢٨، ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>