للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه قالَ: «مَنْ جحَدَ ما أنزَلَ اللهُ فقد كفَرَ، ومَن أقَرَّ به ولمْ يَحكمْ به فهو فاسقٌ وظالمٌ» (١).

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : «وجَبَ على كلِّ مَنْ حكَمَ بينَ اثنينِ أنْ يَحكمَ بالعَدلِ لقَولِه تَعالى: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: ٥٨] فليسَ لحاكمٍ أنْ يَحكمَ بظُلمٍ أبدًا، والشَّرعُ الذي يَجبُ على حُكامِ المُسلِمينَ الحُكمُ به عَدلٌ كلُّه ليسَ في الشَّرعِ ظُلمٌ أَصلًا بل حُكمُ اللهِ أَحسنُ الأَحكامِ.

والشَّرعُ هو ما أنزَلَ اللهُ، فكلُّ مَنْ حكَمَ بما أنزَلَ اللهُ فقد حكَمَ بالعَدلِ، لكنَّ العَدلَ قد يَتنوعُ بتَنوعِ الشَّرائعِ والمَناهجِ فيَكونُ العَدلُ في كلِّ شِرعةٍ بحسَبِها، ولهذا قالَ تَعالى: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ

يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)[المائدة: ٤٢، ٤٤] إلى قَولِه: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا


(١) «زاد المسير» (٢/ ٣٦٦، ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>