للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ ابنُ الجَوزيِّ : «فأمَّا قَولُه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)[المائدة: ٤٤] وقَولُه تَعالى بعدَها: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)[المائدة: ٤٥] ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧)[المائدة: ٤٧].

فاختَلفَ العُلماءُ فيمن نزلَتْ على خَمسةِ أَقوالٍ:

أَحدُها: أنَّها نزلَتْ في اليَهودِ خاصَّةً رَواه عُبيدُ بنُ عَبدِ اللهِ عن ابنِ عَباسٍ وبه قالَ قَتادةُ.

والثانِي: أنَّها نزلَتْ في المُسلِمينَ، رَوى سَعيدُ بنُ جُبيرٍ عن ابنِ عَباسٍ نحوَ هذا المَعنى.

والثالثُ: أنَّها عامةٌ في اليَهودِ وفي هذه الأُمةِ، قالَه ابنُ مَسعودٍ والحَسنُ والنَّخعيُّ والسُّديُّ.

والرابعُ: أنَّها نزلَتْ في اليَهودِ والنَّصارى قالَه أَبو مِجلزٍ.

والخامسُ: أنَّ الأُولى في المُسلِمينَ، والثانيةَ في اليَهودِ، والثالثةَ في النَّصارى قالَه الشِّعبيُّ.

وفي المُرادِ بالكُفرِ المَذكورِ في الآيةِ الأُولى قَولانِ:

أَحدُهما: أنَّه الكُفرُ باللهِ تَعالى.

والثانِي: أنَّه الكُفرُ بذلك الحُكمِ، وليسَ بكُفرٍ يَنقلُ عن المِلةِ.

وفَصلُ الخِطابِ أنَّ مَنْ لمْ يَحكمْ بما أنزَلَ اللهُ جاحدًا له وهو يَعلمُ أنَّ اللهَ أنزَلَه كما فعلَتِ اليَهودُ فهو كافرٌ، ومَن لمْ يَحكمْ به مَيلًا إلى الهَوى مِنْ غيرِ جُحودٍ فهو ظالمٌ وفاسقٌ، وقد رَوى عَليُّ بنُ أَبي طَلحةَ عن ابنِ عَباسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>