للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضاؤُه، وإنْ كانَ مَيتًا لمْ يَجزْ إذا كانَ الابنُ أو البِنتُ يَرثانِ لمَا قلْنا (١).

وقالَ المالِكيةُ: لا يَجوزُ للقاضِي أنْ يَحكمَ لنَفسِه فإنْ كانَ له قبلَ أَحدٍ شَيءٌ رفَعَ ذلك إلى غيرِه، ووكَّلَ وَكيلًا يُخاصمُ عنه، وإنْ شاءَ خاصَمَ ولمْ يُوكِّلْ، فإنْ رضِيَ صاحبُه أنْ يُحكمَه في ذلك فلا يَقبلُ، ولا يَجوزُ حُكمُه لنَفسِه إلا أنْ يَشاءَ أنْ يَحكمَ عليها فيَكونُ كالإِقرارِ منه بما ادَّعى خَصمُه عليه، وقالَ أَصبغُ في تَحكيمِ خَصمِ القاضِي له: «لا أُحبُّه فإنْ وقَعَ مَضى، وليَذكرْ في حُكمِه رِضاه بتَحكيمِه، ويُوقعُ عندَه شَهادةَ مَنْ شهِدَ برِضاه».

وفي حُكمِه لأَقاربِه الذين لا تَجوزُ شَهادتُه لهم أَربعةُ أَقوالٍ:

القَولُ الأَولُ: المَنعُ لمُحمدٍّ ومُطرِّفٍ.

والثانِي: الجَوازُ لأَصبغَ، قالَ: وهذا إنْ كانَ مِنْ أَهلِ القيامِ بالحَقِّ وقد يَحكمُ للخَليفةِ وهو فيه أَقوى تُهمةً.

والثالثُ: الجَوازُ إلا لزَوجتِه ووَلدِه الصَّغيرِ ويَتيمِه الذي يَلي مالَه.

وفي ابنِ يُونسَ: ولا يَحكمُ لعمِّه إلا أنْ يَكونَ مُبَرَّزًا في العَدالةِ.

والرابعُ: التَّفرقةُ، فإنْ قالَ ثبَتَ عِندي لمْ يَجزْ إنْ حضَرَ الشُّهودُ، وكانَتِ الشَّهادةُ ظاهرةً جازَ إلا لزَوجتِه ووَلدِه الصَّغيرِ ويَتيمِه، واختارَه ابنُ حَبيبٍ، واختارَ اللَّخميُّ المَنعَ مُطلقًا، قالَ: «ولو حكَمَ بما تَلحقُه فيه الحَميةُ مِنْ غيرِ المالِ لمْ يَجزْ بحالْ» (٢).


(١) «معين الحكام» ص (٣٥)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٨)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٢١٩)، و «اللباب» (٢/ ٤٩٢).
(٢) «تبصرة الحكام» (١/ ٧١، ٧٣)، و «الذخيرة» (١٠/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>