للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: «وإنْ قالَ يَنبغي -أيْ: تَقليدُ إِمامٍ بعَينِه- كانَ جاهلًا ضالًّا».

قال: «ومَن كانَ مُتبعًا للإِمامِ فخالَفَه في بعضِ المَسائلِ لقُوةِ الدَّليلِ أو يَكونُ أَحدُهما أَعلمَ أو أَتقى فقد أحسَنَ ولمْ يَقدحْ في عَدالتِه بلا نِزاعٍ».

(قالَ وفي هذه الحالِ) أيْ: حالِ قُوةِ الدَّليلِ أو كَونِ أَحدِهما أَعلمَ أو أَتقى (يَجوزُ) تَقليدُ مَنْ اتصَفَ بذلك (عندَ أَئمةِ الإِسلامِ بل يَجبُ، وإنَّ) الإِمامَ (أَحمدَ نصَّ عليه) (١).

وأمَّا الحَنفيةُ فقالوا: يَحكمُ القاضِي بما في كِتابِ اللهِ، فإنْ لمْ يَجدْ فبسُنةِ رَسولِ اللهِ فإنْ لمْ يَجدْ فبما ورَدَ عن الصَّحابةِ، فإنِ اختلَفَتْ أَقوالُهم يَجتهدُ في ذلك، ثم ذكَرُوا الكَلامَ الذي ذكَرْتُه في المَسالةِ السابقةِ ثُم قالُوا:

إذا اتفَقَ أَصحابُنا في شَيءٍ -أَبو حَنيفةَ وأَبو يُوسفَ ومُحمد رحِمَهم اللهُ تَعالى- لا يَنبغي للقاضِي أنْ يُخالفَهم برِأيه.

وإذا اختلَفُوا فيما بينهم قالَ عَبدُ اللهِ بنِ المُباركِ: «يُؤخذُ بقَولِ أَبي حَنيفةَ ؛ لأنَّه كانَ مِنْ التابِعينَ وزاحَمَهم في الفَتوى».

وقالَ المُتأخِّرونَ مِنْ الشُّيوخِ: «إذا اجتَمعَ اثنانِ منهم على شَيءٍ وفيهما أَبو حَنيفةَ يُؤخذُ بقَولِهما، وإنْ كانَ أَبو حَنيفةَ في جانبٍ وهما في جانبٍ، فإنْ كانَ القاضِي مِنْ أَهلِ النَّظرِ والاجتِهادِ يَتخيرُ في ذلك، وإنْ لمْ يَكنْ مِنْ أَهلِ الاجتِهادِ يَستفتي غيرَه فيَأخذُ بقَولِه بمَنزلةِ العاميِّ».


(١) «الإنصاف» (١١/ ١٦٩، ١٧٠)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٧١)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>