وجمَعَ الأَذرعيُّ وغيرُه بحَملِ الأَولِ على مَنْ لمْ يَنتهْ لرُتبةِ الاجتِهادِ في مَذهبِ إِمامِه، وهو المُقلِّدُ الصِّرفُ الذي لمْ يَتأهلْ لنَظرٍ ولا تَرجيحٍ، والثَّاني على مَنْ له أَهليةٌ لذلك.
ومنَعَ ذلك الحُسبانِيُّ مِنْ جِهةِ أنَّ العُرفَ جَرى بأنَّ تَوليةَ المُقلِّدِ مَشروطةٌ بأنْ يَحكمَ بمَذهبِ مُقلِّدِه وهو مُتجهٌ، سَواءٌ الأَهلُ لمَا ذُكرَ وغيرُه، لا سيما إنْ قالَ له في عَقدِ التَّوليةِ: «على عادةِ مَنْ تقدَّمَكَ»؛ لأنَّه لمْ يُعتدْ لمُقلِّدٍ حُكمٌ بغيرِ مَذهبِ إِمامِه. وقَولُ جَمعٍ مُتقدِّمينَ:«لو قلَّدَ الإِمامُ رَجلًا القَضاءَ على أنْ يَقضيَ بمَذهبٍ عيَّنَه بطَلَ التَّقليدُ» يتعيَّنَ فَرضُه في قاضٍ مُجتهِدٍ أو مُقلِّدٍ عيَّنَ له غيرَ مُقلِّدِه معَ بَقاءِ تَقليدِه له كما هو واضحٌ، ثُم رأيتُ شارحًا جزَمَ بذلك، قالَ: وهو الذي عليه العَملُ أنَّه يُشترطُ على كلِّ مُقلِّدِ العَملُ بمَذهبِ مُقلِّدِه فلا يَجوزُ له الحُكمُ بخِلافِه». اه.
ونقَلَ ابنُ الرِّفعةِ عن الأَصحابِ أنَّ الحاكمَ المُقلِّدَ إذا بانَ حُكمُه على خِلافِ نَصِّ مُقلِّدِه نُقضَ حُكمُه.
ووافَقَه النَّوويُّ في الرَّوضةِ والسُّبكيُّ، وقالَ الغَزاليُّ: لا يُنقضُ، وتبِعَه الرَّافعيُّ بَحثًا في مَوضعٍ.