للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلوا القَضاءَ رَجلًا شرَطُوا عليه في سِجلِّه ألا يَخرجَ عن قَولِ ابنِ القاسمِ ما وجَدَه». قالَ الأُستاذُ أَبو بَكرٍ: «وهذا جَهلٌ عَظيمٌ منهم» (١).

وقالَ ابنُ فَرحونَ : «قالَ الشَّيخُ أَبو بَكرٍ الطُّرطوشيِّ في مُقدمةِ كِتابِه المُسمى تَعليقةَ الخِلافِ في القاضِي يُوليه الإِمامُ القَضاءَ ويَشترطُ عليه ألَّا يَحكمَ إلا بمَذهبِ إِمامٍ مُعيَّنٍ مثلُ أنْ يَكونَ مالِكيًّا أو شافِعيًّا أو حَنفيًّا أو حَنبليًّا فيَقولُ له قد وَليتكُ القَضاءَ على ألَّا تَحكمَ إلا بمَذهبِ مالِكٍ مثلًا وسَواءٌ وافقَ مَذهبَ السَّلطانِ الذي وَلاه أو لا، فهذا على ضِربينِ:

أَحدُهما: أنْ يَشترطَ ذلك عُمومًا في جَميعِ الأَحكامِ فالعَقدُ باطلٌ والشَّرطُ باطلٌ، سَواءٌ قارَنَ الشَّرطُ عَقدَ الوِلايةِ أو تقدَّمَه ثم وقَعَ العَقدُ.

وقالَ أَهلُ العِراقِ: تَصحُّ الوِلايةُ ويَبطلُ الشَّرطُ.

دَليلُنا أنَّ هذا شَرطٌ يُنافي مُقتضى العَقدِ فإنَّ العَقدَ يَقتضي أنْ يَحكمَ بالحَقِ عندَه، وهذا الشَّرطُ قد حجَرَه عليه واقتَضى أنْ يَحكمَ بمَذهبِ إِمامِه وإنْ بانَ له الحَقُّ في سِواه.

والضَّربُ الثانِي: أنْ يَكونَ الشَّرطُ خاصًّا في حُكمٍ بعَينِه ولا يَخلو الشَّرطُ أنْ يَكونَ أَمرًا أو نَهيًا، فإنْ كانَ أَمرًا مثلَ أنْ يَقولَ: وَليتك على أنْ تَقيدَ مِنْ الحُرِّ بالعَبدِ ومِن المُسلِمِ بالكافرِ، قالَ ابنُ أَبي جَمرةَ: «أو يَشترطَ عليه أنْ يَقتصَّ في القَتلِ بغيرِ الحَديدِ وما يُشاكلَ هذا، فإنَّه يَفسدُ العَقدُ والشَّرطُ، فإنْ كانَ نَهيًا فهو على ضَربينِ:


(١) «عقد الجواهر الثمينة» (٣/ ١٠٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>