للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ خَبرًا صحِبَتْ غيرَه الأعمالُ قَضى بما صحِبَتْه الأَعمالُ، وهذا مَعلومٌ مِنْ أَصلِ مالكٍ ؛ إذ العَملُ مُقدَّمٌ على خبَرِ الآحادِ، وكذلك القياسُ عندَه مُقدَّمٌ على أَخبارِ الآحادِ على ما ذهَبَ إليه أَبو بَكرٍ الأَبهريُّ.

فإنْ لمْ يَجدْ في السُّنةِ شَيئًا نظَرَ في أَقوالِ الصَّحابةِ فقَضى بما اتفَقُوا عليه، فإنِ اختلَفُوا قَضى بما صحِبَتْه الأَعمالُ مِنْ ذلك، فإنْ لم يَصحَّ عندَه أيضًا أنَّ العَملَ اتصَلَ بقَولِ بعضِهم تخيَّرَ مِنْ أَقوالِهم ولا يُخالفُهم جَميعًا، وقد قيلَ له أنْ يَجتهدَ وإنْ خالَفَهم جَميعًا، وكذلك الحُكمُ في إِجماعِ التَّابعينَ بعدَ الصَّحابةِ ، وفي كلِّ إِجماعٍ يَنعقدُ في كلِّ عَصرٍ مِنْ الأَعصارِ إلى يَومِ القيامةِ؛ لقَولِ اللهِ ﷿: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)[النساء: ١١٥] ولقَولِ رَسولِ اللهِ : «لنْ تَجتمعَ أُمتي على ضَلالةٍ» ولقَولِه : «يَدُ اللهِ معَ الجَماعةِ» فإذا ضمِنَ اللهُ تَعالى حِفظَ الجَماعةِ لمْ يَجزْ عليهم الغَلطُ والسَّهو.

فإنْ لمْ يَجدْ في النازلةِ إِجماعًا قَضى بما يُؤدي إليه النَّظرُ والاجتِهادُ في القياسِ على الأُصولِ بعدَ مَشورةِ أَهلِ العِلمِ، فإنِ اجتمَعُوا على شيءٍ أخَذَ به، وإن اختلَفُوا نظَرَ إلى أَحسنِ أَقوالِهم عندَه، وإنْ رَأى خِلافَ رَأيهم قَضى بما رَأى إذا كانَ نَظيرًا لهم، وإنْ لمْ يَكنْ مِنْ نُظرائِهم فليسَ له ذلك.

قالَ ابنُ حَبيبٍ: «وهو قَولٌ فيه اعتِراضٌ، والصَّحيحُ أنَّه إذا كانَ مِنْ أَهلِ الاجتِهادِ فله أنْ يَقضيَ بما رَأى وإنْ كانوا أَعلمَ منه؛ لأنَّ التَّقليدَ لا يَصحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>