للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمُجتهدِ فيما يَرى خِلافَه بإِجماعٍ، وإنما يَصحُّ له التَّقليدُ ما لمْ يَتبينْ له في النازلةِ حُكمٌ، وهذا على مَذهبِ مَنْ يَرى التَّقليدَ ويَقولُ به».

واختلَفُوا هل للمُجتهدِ أنْ يَتركَ النَّظرَ والاجتِهادَ ويُقلِّدَ مَنْ قد نظَرَ واجتهَدَ أم لا، والمُجتهِدُ مَنْ يَعرفُ مِنْ القُرآنِ والسُّنةِ ما يَتعلقُ به الأَحكامُ، وخاصَّه وعامَّه، ومُجملَه ومُبيَّنَه، وناسخَه ومَنسوخَه، ومُتواتِرَ السُّنةِ وغيرَه، والمُتصِلَ والمُرسَلَ، وحالَ الرُّواةِ قُوةً وضَعفًا، ولِسانَ العَربِ لُغةً ونَحوًا، وأَقوالَ العُلماءِ مِنْ الصَّحابةِ فمَن بعدَهم إِجماعًا واختِلافًا، والقياسَ بأَنواعِه- على ثَلاثةِ أَقوالٍ:

أَحدُهما: أنَّ ذلك له.

والثانِي: أنَّ ذلك ليسَ له.

والثالثُ: أنَّ ذلك ليسَ له إلا أنْ يَخافَ فَواتَ النازلةِ.

وأمَّا إنْ لمْ يَكنِ القاضِي مِنْ أَهلِ الاجتِهادِ ففَرضُه المَشورةُ والتَّقليدُ، فإنِ اختَلفَ العُلماءُ قَضى بقَولِ أَعلمِهم، وقيلَ بقَولِ أَكثرِهم على ما وقَعَ في المُدوَّنةِ في الحِكايةِ عن الفُقهاءِ السَّبعةِ، والأَولُ أَصحُّ، وقيلَ إنَّ له أنْ يَحكمَ بقَولِ مَنْ شاءَ منهم إذا تَحرى الصَّوابَ بذلك ولمْ يَقصدِ الهَوى، وله أنْ يَكتفيَ بمَشورةٍ واحدةٍ مِنْ العُلماءِ، فإنْ فعَلَ ذلك فالاختِيارُ أنْ يُشاورَ أَعلمَهم، فإنْ شاوَرَ مَنْ دونَه في العِلمِ وأخَذَ بقَولِه فذلك جائزٌ إذا كانَ مِنْ أَهلِ النَّظرِ والاجتِهادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>