للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُحكَّمُ إذا حكَمَ فيما لا يَجوزُ له التَّحكيمُ فيه فإنَّه يَمضي إنْ كانَ صَوابًا، وليسَ لأَحدِهما ولا لحاكمٍ غيرِهما أنْ يَنقضَه، ولكنْ إذا استوفى الحُكمَ بالحَدِّ والقَتلِ يُؤدبُ لافتِياتِه على الإِمامِ في الاستِيفاءِ، وإلا فلا يُؤدبُ بل يُزجرُ ولا يُؤدبُ على المُعوَّلِ عليه، وحينَئذٍ إذا حكَمَ بالقَتلِ وعَفا عن المَحكومِ عليه لمْ يَكنْ عليه أَدبٌ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ حُكمُ المُحكَّمِ في جَميعِ الأَحكامِ مُطلقًا سَواءٌ في مالٍ أو في قِصاصٍ، كما يَجوزُ حُكمُ القاضِي الذي وَلاه الإِمامُ، فمَن صحَّ حُكمُه في مالٍ صحَّ في غيرِه كالمُولى من جِهةِ الإِمامِ.

وأمَّا التَّحكيمُ في حُدودِ اللهِ تَعالى فلا يَتأتى فيها التَّحكيمُ؛ إذ ليسَ لها طالبٌ مُعينٌ.

وفي قَولٍ للشافِعيةِ وهو قَولُ القاضِي مِنْ الحَنابِلةِ: يَجوزُ في جَميعِ الأَحكامِ إلا في أَربعةِ أَحكامٍ: النِّكاحُ، واللِّعانُ، وحَدُّ القَذفِ والقِصاصِ؛ لأنَّ هذه الأَحكامَ غلَّظَ فيها الشَّرعُ، فلا يَجوزُ أنْ يَتولاها إلا الإِمامُ أو مَنْ وَلاه الإِمامُ (٢).


(١) «أحكام القرآن» (٢/ ١٢٥، ١٢٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٦٣)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٤٥، ١٤٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٣، ١٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٠، ٦١).
(٢) «المهذب» (٢/ ٢٩١)، و «البيان» (١٣/ ٢٤)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ١٥٦)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٩٣، ٢٩٤)، و «المغني» (١٠/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>