للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم مَنْ قالَ: يُستحبُّ له طَلبُه؛ لقَولِه تَعالى إِخبارًا عن يُوسف: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)[يوسف: ٥٥] الآيةُ، فطلَبَ الاستِئمانَ.

ويَجوزُ له بَذلُ العِوضِ؛ ذلك لأنَّه يَتوصلُ به إلى مَطلوبِه.

ومنهم مَنْ قالَ: لا يُستحبُّ له ذلك، ولا يَجوزُ له بَذلُ العِوضِ؛ لمَا رُويَ: «أنَّ النَّبيَّ قالَ لعَبدِ الرَّحمنِ بنِ سَمرةَ: «يا عبدَ الرَّحمنِ! لا تَسألِ الإِمارةَ؛ فإنَّك إنْ أُعطيتَها عن مَسألةٍ؛ وُكلْتَ إليها، وإنْ أُعطيتَها عن غيرِ مَسألةٍ؛ أُعنْتَ عليها».

ورَوى أَنسٌ: أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ طلَبَ القَضاءَ فاستَعانَ عليه وُكلَ إليه، ومَن لمْ يَطلبِ القَضاءَ ولمْ يَستعنْ عليه .. أنزَلَ اللهُ تَعالى إليه مَلكًا ليُسددَه».

ومَن قالَ بالأَولِ حمَلَ الخبَرَ على مَنْ طلَبَ ذلك مَحبةً للرِّياسةِ، فأمَّا إذا طلَبَ ذلك للقُربةِ أو لحُصولِ كِفايتِه فلا بَأسَ عليه بذلك» (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ فذَهُبوا إلى أنَّه يَحرمُ بَذلُ المالِ في تَوليةِ القَضاءِ مُطلقًا، ويَحرمُ على مَنْ بُذلَ له المالُ في القَضاءِ أَخذُه وهو مِنْ أَكلِ أَموالِ الناسِ بالباطلِ (٢).


(١) «البيان» (١٣/ ١١، ١٢)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ١٣٨)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٤، ٢٨٦)، و «تحفة المحتاج» (١٢/ ٧٣، ٧٤).
(٢) «كشاف القناع» (٦/ ٣٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٦٤)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>