للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّاني: أنْ يَخافَ فِتنةً على نَفسِه أو مالِه أو وَلدِه، وإنْ لمْ يَنفردْ بشُروطِ القَضاءِ إنْ لمْ يَتولَّ.

الثالثُ: أنْ يَخافَ ضَياعَ الحَقِّ على أَربابِه بسَببِ تَوليةِ غيرِه -بأنْ كانَ مِمَّنْ تَحرمُ وِلايتُه- فإنْ لمْ يَقبلْ تَضيعُ حُقوقُ الناسِ فيَلزمُه.

قالَ الدِّرديرُ: «ولا يَضرُّه بَذلُ مالٍ في طَلبِه حينَئذٍ؛ لأنَّه لأَمرٍ مُتعيِّنٍ عليه».

قالَ الإِمامُ الدُّسوقيُّ : قَولُه: (ولا يَضرُّه بَذلُ مالٍ في طَلبِه حينَئذٍ) أيْ: حينَ إذْ تعيَّنَ عليه أو خافَ الفِتنةَ أو ضياعَ الحَقِّ إنْ لمْ يَتولَّ، وفي بن قالَ الشَّيخُ المِسناويُّ: قالَ ابنُ مَرزوقٍ: يَجبُ عليه الطَّلبُ إنْ لمْ يَكنْ بمالٍ، وأفرَطَ قَومٌ كعج ومَن تبِعَه فقالوا: «ولو بمالٍ». وفي ح ما نَصَّه: انظرْ إذا قيلَ يَلزمُه الطَّلبُ فطلَبَ فمُنعَ مِنْ التَّوليةِ إلا ببَذلِ مالٍ فهل يَجوزُ له بَذلُ ذلك؟ والظاهرُ أنَّه لا يَجوزُ له؛ لأنَّهم قالوا: إنَّما يَلزمُه القَبولُ إذا تعيَّنَ عليه إنْ كانَ يُعانُ على الحَقِّ، وبَذلُ المالِ في القَضاءِ مِنْ الباطلِ الذي لمْ يُعنْ على تَركِه فيَحرمُ حينَئذٍ» (١).

وقالَ الشافِعيةُ: «إنْ توقَّفَ طَلبُه للقَضاءِ على بَذلِ مالٍ وكانَ واجبًا عليه لزِمَه أنْ يَبذلَ المالَ ليُصبحَ قاضيًا كما يَلزمُه شِراءُ الرَّقبةِ للكَفارةِ والطَّعامِ في المَجاعةِ.

ومَن استُحبَّ له وِلايةُ القَضاءِ إذا دُعيَ إليه فهل يُستحبُّ له طَلبُه وبَذلُ العِوضِ منه لذلك؟ فيه قَولانِ:


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>