للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: «يَحرمُ تَوليةُ مَنْ ليسَ مِنْ أَهلِ الاجتِهادِ، أو كانَ مِنْ أَهلِ الاجتِهادِ إلا أنَّه فاسقٌ، فهذا لا يَجوزُ له القَضاءُ، وإنْ ولَّاه الإِمامُ لمْ تَنعقدْ وِلايتُه، وإنْ حكَمَ لمْ يَصحَّ حُكمُه.

ويَحرمُ إذا قصَدَ انتقامًا مِنْ الأَعداءَ أو اكتِسابًا بالارتِشاءِ قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : وجعَلَ مِنْ المَكروهِ طلَبَه للمُباهاةِ والاستِعلاءِ، ونُوزعَ في ذلك، وجَرى بعضُهم على الحُرمةِ للأَحاديثِ الدالةِ عليه وهو ظاهرٌ» (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَحرمُ الدُّخولُ في القَضاءَ على مَنْ لا يُحسنُه ولمْ تَجتمعْ فيه شُروطُه، فقد رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «القُضاةُ ثَلاثةٌ قاضيانِ في النارِ وقاضٍ في الجَنةِ، رَجلٌ قَضى بغيرِ الحقِّ فعلِمَ ذاكَ فذاك في النارِ، وقاضٍ لا يَعلمُ فأهلَكَ حُقوقَ الناسِ فهو في النارِ، وقاضٍ قَضى بالحَّقِّ فذلك في الجنةِ» (٢). فذكَرَ منهم رَجلًا قَضى بينَ الناسِ بجَهلٍ فهو في النارِ، ولأنَّ مَنْ لا يُحسنُه لا يَقدرُ على العَدلِ فيه فيَأخذُ الحَقَّ مِنْ مُستحِقِّه فيَدفعُه إلى غيره.

والشَّفاعةُ له وإِعانتُه على التَّوليةِ حَرامٌ؛ لأنَّه إِعانةٌ على مَعصيةٍ.

وكذا يَحرمُ طَلبُ القَضاءِ إذا كانَ المُباشرُ فيه أَهلٌ للقَضاءِ صالحٌ له ولو كانَ الطالبُ أَهلًا له؛ لأنَّ فيه إيذاءً للمُباشرِ له، فإنْ لمْ يَكنِ المُباشرُ أَهلًا جازَ للأَهلِ طَلبُه بلا مالٍ» (٣).


(١) «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٧)، و «البيان» (١٣/ ١٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٧٣)، والترمذي (١٣٢٢)، وابن ماجه (٢٣١٥).
(٣) «المغني» (١٠/ ٩٠)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٦٥)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>