ابنُها، وأنَّ الذي أخَذَه الذِّئبُ ابنُ الأُخرى، فحكَمَ به داوُدُ للكُبرى، وحكَمَ به سُلَيمانُ للأُخرى بمُجرَّدِ الدَّعوى منهما، وهذا قَولُ بَعضِ أَصحابِ الشافِعيِّ، فعلى هذه الرِّوايةِ يَلحَقُ بها دونَ زَوجِها؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يَلحقَه نَسبُ وَلَدٍ لم يُقِرَّ به، وكذلك إذا ادَّعَى الرَّجلُ نَسبَه لم يَلحَقْ بزَوجَتِه.
فإنْ قيلَ: الرَّجلُ يُمكِنُ أنْ يَكونَ له وَلَدٌ مِنْ امرَأةٍ أُخرى أو مِنْ أمَتِه، والمَرأةُ لا يَحِلُّ لها نِكاحُ غيرِ زَوجِها، ولا يَحِلُّ وَطؤُها لغَيرِه، قُلنا: يُمكِنُ أنْ تَلدَ مِنْ وَطءِ شُبهةٍ أو غَيرِه، وإنْ كانَ الوَلَدُ يُحتمَلُ أنْ يَكونَ مَوجودًا قبلَ أنْ يَتزوَّجَها هذا الزَّوجُ أمكَنَ أنْ يَكونَ مِنْ زَوجٍ آخَرَ.
فإنْ قيلَ: إنَّما قُبِلَ الإِقرارُ بالنَّسَبِ مِنْ الزَّوجِ لما فيه مِنْ المَصلَحةِ بدَفعِ العارِ عن الصَّبيِّ وصيانَتِه عن النِّسبةِ إلى كَونِه وَلدَ زِنًا، ولا يَحصُلُ هذا بإِلحاقِ نَسبِه بالمَرأةِ، بل بإِلحاقِه بها دونَ زَوجِها تَطرُّقٌ للعارِ إليه وإليها.
قُلنا: بل قَبِلنا دَعواه لأنَّه يَدَّعي حَقًّا لا مُنازِعَ له فيه، ولا مَضَرةَ على أحَدٍ فيه، فقُبِلَ قَولُه فيه كدَعوى المالِ، وهذا مُتحقَّقٌ في دَعوى المَرأةِ.
والرِّوايةُ الثانيةُ أنَّها إنْ كانَ لها زَوجٌ لم يَثبُتِ النَّسبُ بدَعواها لإِفضائِه إلى إِلحاقِ النَّسبِ بزَوجِها بغَيرِ إِقرارِه ولا رِضاه، أو إلى امرَأتِه وُطِئَت بزِنًا أو شُبهةٍ، وفي ذلك ضَررٌ عليه فلا يُقبَلُ قَولُها فيما يُلحِقُ الضَّررَ به.
وإنْ لم يَكُنْ لها زَوجٌ قُبِلَت دَعواها لعَدمِ هذا الضَّررِ، وهذا أيضًا وَجهٌ لأَصحابِ الشافِعيِّ.
والرِّوايةُ الثالِثةُ نقَلَها الكَوسَجُ عن أحمدَ في امرَأةٍ ادَّعَت وَلَدًا إنْ كانَ لها إِخوةٌ أو نَسبٌ مَعروفٌ لا تُصدَّقُ إلا ببَيِّنةٍ، وإنْ لم يَكنْ لها دافِعٌ لم يُحَلْ بينَها