للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينَه؛ لأنَّه إذا كانَ لها أهلُ ونَسَبٌ مَعروفٌ لم تَخفَ وِلادَتُها عليهم، ويَتضرَّرونَ بإِلحاقِ النَّسَبِ بها لما فيه مِنْ تَعييرِهم بوِلادَتِها مِنْ غيرِ زَوجِها، وليسَ كذلك، إذا لم يَكنْ لها أهلٌ، ويُحتمَلُ ألَّا يَثبُتَ النَّسبُ بدَعواها بحالٍ، وهذا قَولُ الثَّوريِّ والشافِعيِّ وأبي ثَورٍ وأَصحابِ الرَّأيِ، قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ النَّسبَ لا يَثبُتُ بدَعوى المَرأةِ لأنَّها يُمكِنُها إِقامةُ البيِّنةِ على الوِلادةِ، فلا يُقبَلُ قَولُها بمُجرَّدِه كما لو علَّقَ زَوجُها طَلاقَها بوِلادَتِها، ولنا أنَّها أحَدُ الوالِدَينِ، فأشبَهَت الأبَ، وإِمكانُ البَيِّنةِ لا يَمنَعُ قَبولَ القَولِ كالرَّجلِ، فإنَّه تُمكِنُه البَيِّنةُ أنَّ هذا وُلِدَ على فِراشِه (١).

وقالَ الإمامُ العِمرانِيُّ: فإنْ أقَرَّت المَرأةُ بوَلَدٍ يُمكِنُ أنْ يَكونَ منها ففيه ثَلاثةُ أوجُهٍ:

أحَدُها: يُقبَلُ، والثانِي: لا يُقبَلُ.

والثالِثُ: إنْ كانَت غيرَ فِراشٍ لرَجلٍ قُبِلَ، وإنْ كانَت فِراشًا لم يُقبَلْ، وقد مَضَت هذه الأوجُهُ بعِلَلِها في (اللَّقيطِ).

قالَ ابنُ اللَّبانِ: فمَن قبِلَ إِقرارَ المَرأةِ بالوَلَدِ قبِلَ إِقرارَ ورَثتِها بوَلدِها، ومَن لم يَقبَلْ إِقرارَها لم يَقبَلْ إِقرارَ وَرثَتِها إلا أن يُصدِّقَهم زَوجُها. قالَ: وكذلك مَنْ قبِلَ إِقرارَ المَرأةِ قبِلَ الإِقرارَ بالأُمِّ، ومَن لم يَقبَلْ إِقرارَ المَرأةِ لم يَقبَلِ الإِقرارَ بالأُمِّ لإِمكانِ إِقامةِ البَيِّنةِ (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٤٤، ٤٥).
(٢) «البيان» (١٣/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>