للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَجوزُ بالوَلَدِ؛ لأنَّه ليسَ في الإِقرارِ بهؤلاء حَملُ نَسبِ الغَيرِ على غَيرِه (١).

وقالَ الإمامُ العِمرانِيُّ: الإِقرارُ بالنَّسَبِ جائِزٌ ويَثبُتُ النَّسبُ به. وذهَبَ بعضُ الناسِ إلى: أنَّ النَّسَبَ لا يَثبُتُ بالإِقرارِ.

دَليلُنا: ما رُويَ: أنَّ سَعدَ بنَ أبي وَقاصٍ وعَبدَ بنَ زَمعةَ اختَصَما في ابنِ أمَةِ زَمعةَ، فقالَ عَبدُ بنُ زَمعةَ: أخي وابنُ وَليدةِ أبي، وُلِدَ على فِراشِه، فقالَ النَّبيُّ : «الوَلدُ للفِراشٍ، وللعاهِرِ الحَجَرُ» (٢). فقَضى به النَّبيُّ لعَبدٍ بالإِقرارِ.

إذا ثبَتَ هذا: فلا يَخلو المُقِرُّ مِنْ أن يُقِرَّ بالنَّسبِ على نَفسِه، أو على غَيرِه.

فإنْ أقَرَّ على نَفسِه؛ بأنِ ادَّعَى بُنوةَ غَيرِه، فإنْ كانَ المُقَرُّ به صَغيرًا أو مَجنونًا لم يَثبُتْ نَسبُه إلا بثَلاثةِ شُروطٍ:

أحَدُها: أنْ يَكونَ المُقَرُّ به مَجهولَ النَّسَبِ، فأمَّا إذا كانَ مَعروفَ النَّسَبِ مِنْ رَجلٍ لم يُحكَمْ بصِحةِ إقرارِ المُقِرِّ؛ لأنَّ في ذلك إِبطالَ نَسبِه الثابِتِ.

الشَّرطُ الثانِي: إذا كانَ لا يُنازِعُ المُقِرَّ فيه أحَدٌ، فأمَّا إذا كانَ هُناكَ غَيرُه يَدَّعي بُنوَّتَه حالَ الدَّعوى لم يُحكَمْ بثُبوتِ نَسَبِه مِنْ أحَدِهما إلا بالإِقرارِ؛ لأنَّه ليسَ أحَدُهما بأوْلَى مِنْ الآخَرِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٤٧)، ومسلم (١٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>