للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَختلِفُ في الإِقرارِ بالنَّسبِ عن الرَّجلِ، وذلك صِيانةً للفِراشِ والأَنسابِ، فلو ادَّعَت المَرأةُ طِفلًا مَجهولًا فإنَّه لا يُقبَلُ منها الإِقرارُ، ولا تَجري عليهما أَحكامُ الأُمومةِ والبُنوةِ والمِيراثِ؛ لأنَّ فيه حَملَ النَّسبِ على الغَيرِ؛ إلا ببَيِّنةٍ، وهو: تَصديقُ الزَّوجِ لها، أو تَشهَدُ قابِلةٌ على الوِلادةِ.

وقد نقَلَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ الإِجماعَ على هذا، فقالَ: وأجمَعوا على أنَّ المَرأةَ إذا قالَت: «هذا ابني» لم يُقبَلْ إلا ببَيِّنةٍ ليسَت بمَنزِلةِ الرَّجلِ، وانفَرَدَ إِسحاقُ وقالَ: إِقرارُ المَرأةِ جائِزٌ (١).

وقالَ أيضًا: أجمَعَ كلُّ مَنْ أحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ امرَأةً لو ادَّعَت اللَّقيطَ وقالَت: «هو ابنُها»، أنَّ قَولَها لا يُقبَلُ. كذلك قالَ الشافِعيُّ. المُزَنِيُّ عنه، وبه قالَ أَصحابُ الرَّأيِ، موسى عنهم، وبه قالَ الثَّوريُّ، ويَحيى بنُ آدَمَ، وأبو ثَورٍ، وإذا وَجَدته امرَأةٌ فقالَت: «هو ابني مِنْ زَوجي هذا» وصدَّقَها الزَّوجُ كانَ ابنَهما، في قَولِ أبي ثَورٍ، وأَصحابِ الرَّأيِ، وكذلك نَقولُ (٢).

قالَ ابنُ عَرفةَ: واستِلحاقُ الأُمِّ لَغوٌ.

وفي نَوازِلِ سحنُونٍ مِنْ كِتابِ الاستِلحاقِ في رَجلٍ له امرَأةٌ وله وَلدٌ فتَزعُمُ المَرأةُ أنَّ الغُلامَ وَلدَها مِنْ زَوجٍ غَيرِه، ويَزعُمُ الرَّجلُ أنَّ الغُلامَ وَلَدُه مِنْ امرَأةٍ غَيرِها أنَّه يُلحَقُ بالزَّوجِ، ولا يُقبَلُ قَولِ المَرأةِ.


(١) «الإجماع» (٣٢٦).
(٢) «الأوسط» (٧/ ٢٢٣)، و «الإجماع» (٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>