للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا ما لا يَحتمِلُه استِقراضًا واستِهلاكًا وثَمنًا حالًّا غيرَ مُؤجَّلٍ فأمكَنَ تَحقيقُ مَعنى المُجانَسةِ بينَهما في وَصفِ الوُجوبِ في الذِّمةِ على الإِطلاقِ، إنْ لم يَكنْ في اسمِ الدَّراهِمِ فأمكَنَ العَمَلُ بالاستِثناءِ في تَحقُّقِ مَعناه وهو البَيانُ مِنْ وَجهٍ، ولا مُجانَسةَ بَينَ الثِّيابِ والدَّراهمِ لا في الاسمِ ولا في احتِمالِ الوُجوبِ في الذِّمةِ على الإِطلاقِ، فانعَدمَ مَعنى الاستِثناءِ أصلًا فهو الفَرقُ.

ولو أقَرَّ لإِنسانٍ بدارٍ واستَثنى بِناءَها لنَفسِه فالاستِثناءُ باطِلٌ؛ لأنَّ اسمَ الدارِ لا يَتناوَلُ البِناءَ لُغةً، بل وُضعَ دِلالةً على العَرصةِ في اللُّغةِ، وإنَّما البِناءُ فيها بمَنزِلةِ الصِّفةِ، فلم يَكنِ المُستَثنى مِنْ جِنسِ المُستَثنى منه، فلم يَصِحَّ الاستِثناءُ، وتَكونُ الدارُ مع البِناءِ للمُقَرِّ له؛ لأنَّه إنْ لم يَكنِ اسمًا عامًّا فهو يَتناوَلُ هذه الأَجزاءَ بطَريقِ التَّضمُّنِ، كمَن أقَرَّ لغَيرِه بخاتَمٍ كانَ له الحَلقةُ والفَصَّ، لا لأنَّه اسمٌ عامٌّ، بل هو اسمٌ لمُسَمًّى واحِدٍ، وهو المُركَّبُ مِنْ الحَلقةِ والفَصِّ، ولكنَّه يَتناوَلُه بطَريقِ التَّضمُّنِ.

وكذا مَنْ أقَرَّ بسَيفٍ لغَيرِه كانَ له النَّصلُ والجَفنُ والحَمائِلُ؛ لما قُلنا.

وكذا مَنْ أقَرَّ بحَجلةٍ كانَ له العِيدانُ والكِسوةُ بخِلافِ ما إذا استَثنى رُبعَ الدارِ أو ثُلثَها أو شَيئًا منها أنَّه يَصحُّ الاستِثناءُ لما بيَّنَّا أنَّ الدارَ اسمٌ للعَرصةِ، فكانَ المُستَثنى مِنْ جِنسِ المُستَثنى منه فصَحَّ.

ولو قالَ: «بِناءُ هذه الدارِ لي، والعَرصةُ لفُلانٍ» صَحَّ؛ لأنَّ اسمَ البِناءِ لا يَتناوَلُ العَرصةً؛ إذ هي اسمٌ للبُقعةِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢١٠، ٢١١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>