للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : السُّنةُ أنْ يَقفَ المَأمومونَ خلْفَ الإمامِ، فإنْ وَقَفوا قُدَّامَه لم تَصحَّ، وبهذا قالَ أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ.

وقالَ مالكٌ وإسحاقُ: تَصحُّ؛ لأنَّ ذلكَ لا يَمنعُ الاقتِداءَ به، فأشبَهَ مَنْ خلْفَه.

ولنَا: قَولُه : «إنِّما جُعلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به» (١)، ولأنه يَحتاجُ في الاقتِداءِ إلى الالتِفاتِ إلى وَرائِه، ولأنَّ ذلكَ لم يُنقلْ عن النبيِّ ولا هو في معنَى المَنقولِ، فلمْ يَصحَّ كما لو صلَّى في بَيتِه بصَلاةِ الإمامِ، ويُفارِقُ مَنْ خلْفَ الإمامِ؛ فإنه لا يَحتاجُ في الاقتِداءِ إلى الالتِفاتِ إلى وَرائِه (٢).

وقالَ الإمامُ المِرداويُّ : قَولُه: «السُّنةُ أنْ يَقفَ المَأمومونَ خَلفَ الإمامِ، فإنْ وَقَفوا قُدَّامَه لم تَصحَّ».

هذا المَذهبُ بلا رَيبٍ، وعليهِ جَماهيرُ الأصحابِ، وقطَعَ به كَثيرٌ منهُم، وذكَرَ الشيخُ تَقيُّ الدِّينِ وَجهًا قالوهُ: وتَصحُّ مُطلَقًا، قالَ في «الفُرُوع»: والمُرادُ: وأمكَنَ الاقتِداءُ، وهو مُتجِهٌ. انتهى

وقيلَ: تَصحُّ في الجُمعةِ والعِيدِ والجنازةِ ونحوِها لعُذرٍ، اختارَه الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ، وقالَ: مَنْ تأخَّرَ بلا عُذرٍ فلمَّا أذَّنَ جاءَ فصَلَّى


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّمَ.
(٢) «المغني» (٢/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>