للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقُبِلَ ذلك منه، وذلك يَقتَضي أنْ يَكونَ وَصفُه بالعَظيمِ والكَثيرِ بخِلافِ النَّزارةِ والقِلةِ.

ووَجهُ القَولِ أنَّه يُرجَعُ في تَفسيرِها له غايةً، وقد ثبَتَ وُجودُ زِيادةٍ على مُطلَقِ الاسمِ، ولم يَثبُتْ تَقديرٌ فيه، فوجَبَ الرُّجوعُ إليه في تَقديرِه.

القَولُ الرابِعُ: لا يُقبَلُ منه أقَلُّ مِنْ نِصابِ السَّرِقةِ.

القَولُ الخامِسُ: يَلزَمُه بقَدرِ الدِّيةِ؛ لأنَّ وَصفَه بالعَظيمِ يَقتَضي المُبالَغةَ فيه، فوجَبَ أنْ يَطلُبَ له مِنْ التَّقديرِ أعلَى ما في بابِه؛ لأنَّ ذلك عَظيمٌ مِنْ وَجهٍ، وقَليلٌ مِنْ وَجهٍ، والوَصفُ له بالعَظيمِ يَقتَضي تَخصيصَه بهذا المَعنى وانتِقاءَ غَيرِه عنه (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه إنْ قالَ: «له علَيَّ مالٌ عَظيمٌ أو كَثيرٌ أو جَليلٌ أو نَفيسٌ أو عَظيمٌ، أو عَظيمٌ عَظيمٌ» لم يُقدَّرْ بشَيءٍ، وجازَ تَفسيرُه بالقَليلِ والكَثيرِ، كما لو قالَ: «مالٌ» ولم يَزِدْ عليه؛ لأنَّ العَظيمَ والكَثيرَ لا حدَّ له في الشَّرعِ ولا في اللُّغةِ ولا في العُرفِ، ويَختلِفُ الناسُ فيه فمنهم مَنْ يَستعظِمُ القَليلَ ومنهم مَنْ يَستعظِمُ الكَثيرَ، ومنهم مَنْ يَحتقِرُ الكَثيرَ فلم يَثبُتْ في ذلك حَدٌّ يُرجَعُ إلى تَفسيرِه به، ولأنَّه ما مِنْ مالٍ إلا وهو عَظيمٌ كَثيرٌ بالنِّسبةِ إلى ما دونَه، ويُحتمَلُ أنَّه أرادَ عَظيمًا عِندَه، لفَقرِ نَفسِه ودَناءَتِها (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٨٨، ٨٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٩٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٩٨).
(٢) «البيان» (١٣/ ٤٣٩، ٤٤٠)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٦٣، ٥٦٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٠٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٤٢)، و «تحفة المحتاج» (٦/ ٦١٨)، و «المغني» (٥/ ١١٠)، و «الكافي» (٤/ ٥٩١)، و «كشاف القناع» (٦/ ٦٠٦، ٦٠٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧٥٦، ٧٥٧)، و «منار السبيل» (٣/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>