فعلى هذا يَلزَمُه أقَلُّ ما يُسَمَّى نِصابًا مِنْ جِنسِ مالِ المُقِرِّ فيَلزَمُه عِشرونَ دِينارًا إنْ كانَ مِنْ أهلِ الذَّهَبِ، ومِئَتا دِرهَمٍ إنْ كانَ مِنْ أهلِ الوَرِقِ، وخَمسٌ مِنْ الإبِلِ إن كانَ مِنْ أهلِ الإبِلِ، وثَلاثونَ مِنْ البَقَرِ إن كانَ مِنْ أهلِ البَقَرِ، وأربَعونَ مِنْ الضَّأنِ أو المَعزِ إن كانَ مِنْ أهلِ الضَّأنِ أو المَعزِ، وخَمسةُ أوسُقٍ مِنْ الحَبِّ إنْ كانَ مِنْ أهلِ الحَرثِ (١).
والقَولُ الثانِي: أنَّه يَرجِعُ فيه إلى تَفسيرِه القَولَ لأنَّه لا حَدَّ في ذلك؛ لأنَّه لَفظٌ مُجمَلٌ، فوجَبَ أنْ يُرجَعَ في بَيانِه إليه، أصلُه قَولُه:«علَيَّ شَيءٌ أو حَقٌّ»، ولأنَّ أَلفاظَ صاحِبِ الشَّرعِ المُجمَلةِ لمَّا وَجَبَ في الرُّجوعِ في تَفسيرِها إليه، كذلك الإِقرارُ وكُلُّ مُجمَلٍ تَعلَّقَ به حُكمٌ، ولأنَّ العَظيمَ لا حَدَّ له في اللُّغةِ، ولا في الشَّريعةِ، ولا في العادةِ، فإذا لم يَثبُتْ تَقديرٌ مِنْ إِحدى هذه الجِهاتِ وجَبَ الرُّجوعُ فيه إلى المُقِرِّ، كما لو قالَ:«له علَيَّ مالٌ مَعلومٌ أو مَوصوفٌ».
والقَولُ الثالِثُ: أنَّه لا بدَّ مِنْ صِفةٍ زائِدةٍ، ويَكونُ زيادةً على أقَلِّ مالٍ، ويَرجِعُ في تَفسيرِه إليه؛ لأنَّه وَصَفه بالعَظيمِ والكَثيرِ، وذلك يَقتَضي زيادةَ صِفةٍ على إطلاقِ الاسمِ، كما أنَّ قَولَهم: رَجلٌ طَويلٌ وقَصيرٌ يَقتَضي إثباتَ صِفاتٍ زائِدةٍ على مُطلَقِ الاسمِ، وإذا قُلنا: إنَّه يَلزَمُه ما يَلزَمُه بقَولِه: «مالٌ»، فقط، ألغَينا الصِّفةَ، ولا سَبيلَ إلى ذلك، ولأنَّ القيراطَ والحَبةَ لا يَصِفُها أحَدٌ في لُغةٍ ولا شَرعٍ أنَّه عَظيمٌ ولا كَثيرٌ، فلم يَصِحَّ تَعلُّقُ الحُكمِ به، ولأنَّه لو قالَ:«له علَيَّ مالٌ حَقيرٌ أو قَليلٌ أو نَزرٌ»، ثم وصَفَه بالدانَقِ والقيراطِ،
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٨٧، ٨٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٩٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٩٨).