للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنِّصابُ عَظيمٌ، حتى اعتُبِرَ صاحِبُه غَنيًّا به، والغَنيُّ عَظيمٌ عندَ الناسِ، وهذا إذا قالَ: «مالٌ عَظيمٌ مِنْ الدَّراهِمِ»، أمَّا إذا قالَ: «مِنْ الدَّنانيرِ»، فالتَّقديرُ بعِشرينَ مِثقالًا، وفي الإبِلِ بخَمسٍ وعِشرينَ؛ لأنَّه أَدنى نِصابٍ تَجِبُ فيه الزَّكاةُ مِنْ جِنسِه، وفي غيرِ مالِ الزَّكاةِ يُقدَّرُ بقيمةِ النِّصابِ، وكذا إذا قالَ: «مالٌ كَثيرٌ، أو جَليلٌ»، فهو كقَولِه: «عَظيمٌ»، وعَن أبي حَنيفةَ يُصدَّقُ في عَشَرةِ دَراهِمَ إذا قالَ: «مِنْ الدَّراهِمِ»؛ لأنَّه نِصابُ السَّرِقةِ، فهو عَظيمٌ حَيثُ تُقطَعُ به اليَدُ المُحتَرمةُ، قالَ السَّرخَسيُّ: والأصَحُّ أنَّه يُبنَى على حالِ المُقِرِّ في الفَقرِ، والغِنَى، فإنَّ القَليلَ عندَ الفَقيرِ عَظيمٌ، وكما أنَّ المِئتَينِ عَظيمةٌ في حُكمِ الزَّكاةِ، فالعَشرةٌ عَظيمةٌ في قَطعِ يَدِ السارِقِ وتَقديرِ المَهرِ، فيَتعارَضُ ويَكونُ المَرجِعُ فيه إلى حالِ الرَّجلِ.

وإنْ قالَ: «له مالٌ نَفيسٌ، أو خَطيرٌ أو كَثيرٌ»، لزِمَه عَشرةُ دَراهمَ عندَ أبي حَنيفةَ (١).

وأمَّا المالِكيةُ فعِندَهم خَمسةُ أقوالٍ في المَذهبِ إذا قالَ: «له علَيَّ مالٌ عَظيمٌ»، الصَّحيحُ منها أنَّه يَلزَمُه أقَلُّ نِصابٍ مِنْ نِصاباتِ الزَّكاةِ مِنْ أَنواعِ أَموالِهم؛ لأنَّ المالَ له تَقديرٌ في اللُّغةِ والشَّريعةِ، أمَّا في اللُّغةِ فإنَّهم لا يَعقِلونَ مِنْ قَولِهم: «فُلانٌ مِنْ أَربابِ المالِ»، أنَّه يَملِكُ دانَقًا أو دِرهَمًا، وإنَّما يَعقِلونَ زِيادةً على ذلك ببَيِّنةٍ، وأمَّا الشَّرعُ فقد ثبَتَ أنَّ النِّصابَ مالٌ؛ لقَولِه : «لا زَكاةَ في مالٍ حتى يَحولَ عليه الحَولُ» فلم يَثبُتْ لما دونَه هذا الاسمُ يُوجِبُ صَرفَ الكَلامِ إليه.


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «اللباب» (١/ ٤٥٦، ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>