للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولنَا): الحَديثُ: ليسَ معَ الإمامِ مَنْ يقدمُهُ، ولأنه إذا تَقدَّمَ على الإمامِ اشتَبهَ عليه حالةُ افتِتاحِه واحتاجَ إلى النَّظرِ وَراءَه في كلِّ وَقتٍ ليَقتديَ به، فلِهذا لا يَجوزُ (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : فأمَّا إذا تقدَّمَ المأمومُ على إمامِه في المَوقفِ فوقَفَ قُدَّامَ إمامِه فذلكَ ضَربانِ:

أحَدُهما: أنْ يكونَ بمَكةَ، والضَّربُ الثاني: بغَيرِها.

فإنْ كانَ بغَيرِ مكَّةَ ففي بُطلانِ صَلاةِ المَأمومِ المُتقدِّمِ على إمامِه قَولانِ:

أحَدُهما: قالَه في القَديمِ: صَلاتُه جائِزةٌ؛ لأنه ليسَ في التقدُّمِ على الإمامِ أكثَرُ مِنْ مُخالَفةِ المَوقفِ المَسنونِ، ومُخالَفةُ المَوقفِ المَسنونِ لا يَمنعُ مِنْ صحَّةِ الصلاةِ، كالمَأمومِ الواحِدِ إذا وقَفَ على يَسارِ إمامِه، أو الجَماعةِ إذا وَقَفوا على يَمينِه ويَسارِه.

والقولُ الثاني: قالَه في الجَديدِ، وهو الصَّحيحُ: صَلاتُه باطِلةٌ؛ لقَولِه : «إنما جُعلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به» (٢)، والائتِمامُ الاتِّباعُ، والمُتقدِّمُ على إمامِه لا يَكونُ تابعًا، بل يكونُ مَتبوعًا، ولأنَّ على المَأمومِ اتِّباعَ إمامِه في مَوقفِه وأفعالِه، فلمَّا لَمْ يَجُزْ له التَّقدمُ عليهِ في إحرامِه وأفعالِ صَلاتِه لم يَجُزْ له التقدُّمُ عليه في مَوقفِ صلاتِه.


(١) «المبسوط» (١/ ٤٣).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>