منهما بأحَقَّ به من الآخَرِ، وهُما فيه سَواءٌ، فإذا تَنازَعا المالَ فهما مُستَويانِ في الدَّعوى؛ فإنْ كانَ ما يَتنازَعانِ فيه في يَدِ أحَدِهما فللذي هو في يَدَيه سَببٌ أقوى من سَببِ الذي ليسَ هو في يدَيه، فهو له معَ يَمينِه إذا لم تَقمْ لواحِدٍ منهما بيِّنةٌ؛ فإنْ أقامَ الذي ليسَ في يدَيه بيِّنةً بدَعواه قيلَ للذي هو في يدَيه البَيِّنةُ العادِلةُ التي لا تَجُرُّ إلى نَفسِها بشَهادَتِها ولا تَدفَعُ عنها إذا كانَت للمُدَّعي أقوَى من كَينونةِ الشَّيءِ في يَدِكَ من قِبَلِ أنَّ كَينونَتَه في يَدِكَ قد تَكونُ وأنتَ غيرُ مالِكٍ فهو للذي أقامَ البَيِّنةَ بفَضلِ قُوةِ سَببِه على سَببِك؛ فإنْ أقاما معًا البَيِّنةَ عليه قيلَ: قد استَوَيتُما في الدَّعوى واستَوَيتُما في البَيِّنةِ وللذي هو في يدَيه سبَبٌ بكَينونَتِه في يَدِه هو أَقوى من سَببِك فهو له بفَضلِ قُوةِ سَببِه، وهذا مُعتدِلٌ على أصلِ القياسِ، لو لم يَكنْ فيه سُنةٌ وفيه سُنةٌ بمِثلِ ما قُلنا.
(أخبَرَنا الرَّبيعُ) قالَ: أخبَرَنا الشافِعيُّ قالَ: أخبَرَنا ابنُ أَبي يَحيى عن إِسحاقَ بنِ أَبي فَروةَ عن عُمرَ بنِ الحَكَمِ عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ «أنَّ رَجلَينِ تَداعَيا دابَّةً فأقامَ كلُّ واحِدٍ منهما البَيِّنةَ أنَّها دابَّتُه نَتَجَها، فقَضى بها رَسولُ اللهِ ﷺ للذي هي في يَدِه»، وهذا قَولُ كلِّ مَنْ حفِظتُ عنه ممَّن لَقيتُ في النِّتاجِ وفيما لا يَكونُ إلا مَرةً (١).
وقالَ الإمامُ العِمرانِيُّ ﵀: وإنِ ادَّعَيا عَينًا في يَدِ أحَدِهما، وأقامَ كلُّ واحِدٍ منهما بيِّنةً حُكمَ بها لصاحِبِ اليَدِ. وبه قالَ شُرَيحٌ، والنَّخَعيُّ، والحَكمُ، ومالِكٌ، وأَبو ثَورٍ.