للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتى كلُّ واحِدٍ منهما ببَيِّنةٍ قُدِّمَت بيِّنةُ مَنْ هي في يَدِه ويُسمَّى الداخِلَ؛ لما رَواه الإمامُ الشافِعيُّ عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ «أنَّ رَجلَينِ تَداعَيا دابَّةً فأقامَ كلُّ واحِدٍ منهما البَيِّنةَ أنَّها دابَّتُه نَتَجَها فقَضى بها رَسولُ اللهِ للذي هي في يَده» (١)؛ لأنَّهما استَوَيا في إِقامةِ البَيِّنةِ وتَرجَّحَت بيِّنتُه بيَدِه فقُدِّمَت، والسِّرُّ في ذلك أنَّ الحُجَّتَينِ لمَّا تَعارَضَتا تَساقَطَتا فبَقيَ المَتاعُ في يَدِ صاحِبِ القَبضِ لعَدمِ ما يَقتَضي رَدَّه، أو نَقولُ: اعتضَدَت إِحدى البَيِّنتَينِ بالدَّليلِ الظاهِرِ، وهو القَبضُ، فرجَحَت (٢).

قالَ الدَّميريُّ : وبه قَضى شُرَيحٌ وإليه ذهَبَ أكثَرُ العُلماءِ.

وقيلَ: لا يَقضي له إلا أنْ يَحلِفَ؛ لأنَّ البَيِّنتينِ تَعارَضَتا فسقَطَتا وبَقيَت اليَدُ، وهي لا يُقضَى بها من غيرِ يَمينٍ … ولا يُشتَرطُ في بيِّنةِ صاحِبِ اليَدِ أنْ يُبيِّنَ سبَبَ المِلكِ من شِراءٍ أو إرثٍ أو نَحوِه ولا يُشتَرطُ أنْ يَحلِفَ معَ بيِّنتِه (٣).

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : وإذا تَنازَعَ الرَّجلانِ المالَ فانظُرْ أيَّهما كانَ أَقوى سَببًا فيما يَتنازَعانِ فيه فاجعَلْه له، فإذا استَوى سَبَباهُما فليسَ واحِدٌ


(١) رواه الإمام الشافعي في «مسنده» ص (٣٣٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٢١٠١٢).
(٢) «حجة الله البالغة» (١/ ٧٨١).
(٣) «النجم الوهاج» (١٠/ ٤٣٣)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>