للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأئِمةُ من أهلِ السُّننِ والمَسانيدِ، قالَ التِّرمذيُّ: هذا حَديثٌ حَسنٌ غَريبٌ، وفي البابِ عن علِيٍّ وابنِ عَباسٍ وجابِرٍ ومَسروقٍ، وقالَ النِّسائيُّ: إِسنادُ حَديثِ ابنِ عَباسٍ في اليَمينِ معَ الشاهِدِ إِسنادٌ جَيدٌ.

ولأنَّ اليَمينَ تُشرعُ في حَقِّ مَنْ ظهَرَ صِدقُه وقَويَ جانِبُه، ولذلك شُرعَت في حَقِّ صاحِبِ اليَدِ لقُوةِ جَنبتِه بها، وفي حَقِّ المُنكِرِ لقُوةِ جَنبتِه؛ فإنَّ الأصلَ بَراءةُ ذِمتِه، والمُدَّعي ههُنا قد ظهَرَ صِدقُه فوجَبَ أنْ تُشرعَ اليَمينُ في حَقِّه ولا حُجةَ لهم في الآيةِ؛ لأنَّها دَلَّت على مَشروعيةِ الشاهِدَينِ، والشاهِدِ والمَرأتَينِ، ولا نِزاعَ في هذا، وقَولُهم: إنَّ الزِّيادةَ في النَّصِّ نَسخٌ غيرُ صَحيحٍ؛ لأنَّ النَّسخَ: الرَّفعُ والإِزالةُ، والزِّيادةُ في الشَّيءِ تَقريرٌ له لا رَفعٌ، والحُكمُ بالشاهِدِ واليَمينِ لا يَمنَعُ الحُكمَ بالشاهِدَينِ ولا يَرفَعُه، ولأنَّ الزِّيادةَ لو كانَت مُتَّصِلةً بمزيدٍ عليه لم تَرفَعْه ولم تَكنْ نَسخًا، وكذلك إذا انفَصَلت عنه، ولأنَّ الآيةَ وارِدةٌ في التَّحمُّلِ دونَ الأَداءِ، ولهذا قالَ: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: ٢٨٢]، والنِّزاعُ في الأداءِ، وحَديثُهم ضَعيفٌ، وليسَ هو للحَصرِ بدَليلِ أنَّ اليَمينَ تُشرعُ في حَقِّ المُودَعِ إذا ادَّعى رَدَّ الوَديعةِ وتَلفَها، وفي حَقِّ الأُمناءِ لظُهورِ جِنايَتِهم، وفي حَقِّ المُلاعِنِ وفي القَسامةِ، وتُشرَعُ في حَقِّ البائِعِ والمُشتَري إذا اختَلفَا في الثَّمنِ والسِّلعةُ قائِمةٌ.

وقَولُ مُحمدٍ في نَقضِ قَضاءِ مَنْ قَضى بالشاهِدِ واليَمينِ يَتضمَّنُ القَولَ بنَقضِ قَضاءِ رَسولِ اللهِ والخُلفاءِ الذين قَضَوا به، وقد قالَ اللهُ تَعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)[النساء: ٦٥]،

<<  <  ج: ص:  >  >>