للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُغني من الحَقِّ شَيئًا، وليسَ مَنْ نَفى وجهِلَ كمَن أثبَتَ وعلِمَ، وقد ذكَرْنا مَنْ سَمَّينا من الصَّحابةِ والتابِعينَ وليسَ فيهم مَنْ يَدَعُ عِلمَه لعَبدِ المَلِكِ بنِ مَروانَ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأكثَرُ أهلِ العِلمِ يَرَونَ ثُبوتَ المالِ لمُدَّعيه بشاهِدٍ ويَمينٍ، رُويَ ذلك عن أَبي بَكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعلِيٍّ ، وهو قَولُ الفُقهاءِ السَّبعةِ وعُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ والحَسنِ وشُرَيحٍ وإياسٍ وعَبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ وأبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ ويَحيى بنِ يَعمُرَ ورَبيعةَ ومالِكٍ وابنِ أَبي لَيلى وأبي الزِّنادِ والشافِعيِّ.

وقالَ الشَّعبيُّ والنَّخَعيُّ وأَصحابُ الرأيِ والأَوزاعيُّ لا يُقضى بشاهِدٍ ويَمينٍ، وقالَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ: مَنْ قَضى بالشاهِدِ واليَمينِ نَقَضتُ حُكمَه؛ لأنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فمَن زادَ في ذلك فقد زادَ في النَّصِّ، والزِّيادةُ في النَّصِّ نَسخٌ، ولأنَّ النَّبيَّ قالَ: «البَيِّنةُ على المُدَّعي واليَمينُ على مَنْ أنكَرَ» فحصَرَ اليَمينَ في جانِبِ المُدَّعَى عليه، كما حصَرَ البَيِّنةَ في جانِبِ المُدَّعي.

ولنا: ما رَوى سُهيلٌ عن أبيه عن أَبي هُرَيرةَ قالَ: «قَضى رَسولُ اللهِ باليَمينِ معَ الشاهِدِ الواحِدِ» رَواه سَعيدُ بنُ مَنصورٍ في سُنَنِه


(١) «التمهيد» (٢/ ١٥٣، ١٥٤)، و «الاستذكار» (٧/ ١١١)، وينظر: «الموطأ» (٢/ ٧٢١، ٧٢٢)، و «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٥٩، ٦٠)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ٤٤، ٤٥)، و «الحاوي الكبير» (١٧/ ٦٨، ٧٠)، و «البيان» (١٣/ ٣٣٨، ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>