الثالِثةُ: إنْ كانوا عُميانًا أو بَعضُهم جُلِدوا، وإنْ كانوا عَبيدًا أو فُساقًا، فلا حَدَّ عليهم، وهو قَولُ الثَّوريِّ وإِسحاقَ؛ لأنَّ العُميانَ مَعلومٌ كَذِبُهم؛ لأنَّهم شَهِدوا بما لم يَروْه يَقينًا، والآخَرونَ يَجوزُ صِدقُهم، وقد اكتَملَ عَددُهم فأشبَهوا مَستوري الحالِ.
وقالَ أَصحابُ الشافِعيِّ: إنْ كانَ رَدُّ الشَّهادةِ لمَعنًى ظاهِرٍ كالعَمى والرِّقِّ والفِسقِ الظاهِرِ ففيهم قَولانِ، وإنْ كانَ لمَعنًى خَفيٍّ فلا حَدَّ عليهم؛ لأنَّ ما يَخفَى يَخفَى على الشُّهودِ فلا يَكونُ ذلك تَفريطًا منهم، بخِلافِ ما يَظهَرُ، وإنْ شهِدَ ثَلاثةُ رِجالٍ وامرَأتانِ حُدَّ الجَميعُ؛ لأنَّ شَهادةَ النِّساءِ في هذا البابِ كعَدَمِها، وبهذا قالَ الثَّوريُّ وأَصحابُ الرأيِ، وهذا يُقوِّي رِوايةَ إِيجابِ الحَدِّ على الأوَّلينَ ويُنبِّهُ على إِيجابِ الحَدِّ فيما إذا كانوا عُميانًا أو أحَدُهم؛ لأنَّ المَرأتَينِ يُحتمَلُ صِدقُهما، وهُما من أهلِ الشَّهادةِ في الجُملةِ، والأَعمى كاذِبٌ يَقينًا، وليسَ من أهلِ الشَّهادةِ على الأَفعالِ، فوُجوبُ الحَدِّ عليهم وعلى مَنْ معَهم أولَى (١).
وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ: فإنْ شهِدَ على الزِّنا أقَلُّ من أربَعةٍ لم تُقبَلْ شَهادَتُهم لنُقصانِ العَددِ المَشروطِ، وهل يُحدُّونَ حَدَّ القَذفِ؟ قالَ أَصحابُنا: يُحدُّونَ.
وقالَ الشافِعيُّ ﵀: إذا جاؤوا مَجيءَ الشُّهودِ لم يُحدُّوا.
وعلى هذا الخِلافِ إذا شهِدَ ثَلاثةٌ وقالَ الرابِعُ: رَأيتُهما في لِحافٍ واحِدٍ، ولم يَزِدْ عليه يُحَدُّ الثَّلاثةُ عندَنا، ولا حَدَّ على الرابِعِ؛ لأنَّه لم