ﷺ:«فاطِمةُ بَضعةٌ مِنِّي يَريبُني ما يَريبُها»، وإذا ثبَتَ ذلك ثبَتَت التُّهمةُ فيه، فكانَت كشَهادتِه لنَفسِه (١).
وذهَبَ الإمامُ أَحمدُ في رِوايةٍ والمُزنِيُّ وأبو ثَورٍ وابنُ المُنذِرِ -وهو عن عُمرَ وعُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ وداودَ وإسحاقَ- إلى أنَّ شَهادةَ الآباءِ للأَبناءِ وشَهادةَ الأَبناءِ للآباءِ تُقبَلُ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فعَمَّ ولم يَخُصَّ، ولأنَّهم كغَيرِهم في العَدالةِ فكانوا كغَيرِهم في الشَّهادةِ، ولأنَّه عَدلٌ تُقبلُ شَهادتُه في غيرِ هذا المَوضعِ، فتُقبلُ شَهادتُه فيه كالأجنَبيِّ.
ورُويَ عن أَحمدَ ﵀ رِوايةٌ: تُقبلُ شَهادةُ الابنِ لأَبيه، ولا تُقبلُ شَهادةُ الأبِ له؛ لأنَّ مالَ الابنِ في حُكمِ مالِ الأبِ له أنْ يَتملَّكَه إذا شاءَ، فشهادَتُه له شَهادةٌ لنَفسِه أو يَجرُّ بها لنَفسِه نَفعًا، قالَ النَّبيُّ ﷺ:«أنتَ ومالُكَ لأَبيك»، وقالَ:«إنَّ أطيَبَ ما أكَلَ الرَّجلُ مِنْ كَسبِه، وإنَّ أَولادَكم مِنْ أطيَبِ كَسبِكم، فكُلوا مِنْ أَموالِهم»، ولا يُوجَدُ هذا في شَهادةِ الابنِ لأَبيه.
(١) «تحفة الفُقهاء» (٢/ ٣٦٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧٢)، و «الهداية» (٣/ ١٢٢)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٥٩)، و «اللباب» (٢/ ٤٥٤)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٤٦٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ٦٩، ٧١)، و «الإفصاح» (٢/ ٤٢٠)، و «المهذب» (٢/ ٣٣٠)، و «البيان» (١٣/ ٣١١، ٣١٣)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٨٨)، و «المغني» (١٠/ ١٨٦)، و «شرح الزَّركشيّ» (٣/ ٤٠٤، ٤٠٥)، و «المبدع» (١٠/ ٢٤٤)، و «الإنصاف» (١٢/ ٦٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٤١، ٥٤٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦٧٤)، و «منار السبيل» (٣/ ٥٠٧).