للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مَجلودةٍ ولا ذي غِمرٍ لأَخيه، ولا مُجرَّبِ شَهادةٍ ولا القانِعِ أهلَ البَيتِ لهم، ولا ظِنِّينٍ في وَلاءٍ ولا قَرابةٍ» (١).

والظِّنِّينُ: المُتَّهمُ، وكلٌّ مِنْ الوالِدَينِ والأَولادِ مُتَّهمٌ في حَقِّ الآخَرِ؛ لأنَّه يَميلُ إليه بطَبعِه، ولهذا قالَ النَّبيُّ : «فاطِمةُ بَضعةٌ مِنِّي يَريبُني ما رابَها» (٢).

ولأنَّه مُتَّهمٌ في الشَّهادةِ لوَلدِه كتُهمةِ العَدُوِّ في الشَّهادةِ على عَدُوِّه، والخَبَرُ أخَصُّ من الآياتِ فتُخَصُّ به.

ولأنَّ نَفسَه كنَفسِه، ومالَه كمالِه، ولهذا قالَ لأَبي مَعشَرٍ الدارِميِّ: «أنتَ ومالُكَ لأَبيك» (٣)، وقالَ : «إنَّ أطيَبَ ما أكَلَ الرَّجلُ مِنْ كَسبِه، وإنَّ ولَدَه مِنْ كَسبِه» (٤)، ولهذا يُعتَقُ عليه إذا ملَكَه ويَستحِقُّ عليه النَّفَقةَ إذا احتاجَ، والآيةُ نَخصُّها بما ذَكَرناه.

ولأنَّه مَعلومٌ مِنْ طِباعِ الناسِ أنَّ الأبَ يُحِبُّ نَفعَ ابنِه وإيصالَ النَّفعِ ودَفعَ الضَّررِ عنه، ويُؤْثِرُ ذلك على نَفسِه حتى إنَّه ربما دَعاه أنْ يَشهَدَ له بالزُّورِ ويَركَبَ في أمرِه كلَّ مَحظورٍ فيُوصِلَه إلى النَّفعِ الذي يَبغي وُصولَه إليه، أو يُخلِّصَه مِنْ الضَّررِ الذي يُريدُ دَفعَه عنه، وقد نبَّهَ اللهُ تَعالى على ذلك بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٢٨]، وقالَ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (٢٢٩٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٣٠)، ومسلم (٢٤٤٩).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>