للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لَفظٍ: «مَنْ شاءَ أن يُجمِّعَ فليُجمِّع» (١)، قالَ ابنُ قُدامةَ : ولأنَّ الجمُعةَ إنَّما زادَت عن الظُّهرِ بالخُطبةِ، وقد حصَلَ سَماعُها في العِيدِ، فأجزَأَه عن سَماعِها ثانيًا، ولأنَّ وقتَها واحدٌ بما بيَّناه، فسقَطَت إحداهُما بالأُخرى، كالجمُعةِ مع الظُّهرِ (٢).

وقالوا: إنَّ إِسقاطَ الجمُعةِ إِسقاطُ حُضورٍ، لا إِسقاطُ وُجوبٍ؛ فيَكونُ بمَنزِلةِ المَريضِ ونحوِه لا المُسافرِ، فلو حضَرَ الجامِعَ لزِمتهُ كالمَريضِ، وتَصحُّ إمامَتُه فيها وتَنعقِدُ به، والأفضَلُ له حُضورُها خُروجًا مِنْ الخِلافِ.

ويُستَثنى مِنْ ذلك الإمامُ في أصَحِّ الرِّوايتَينِ، فلا يَسقطُ عنه حُضورُ الجمُعةِ؛ لحَديثِ أَبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «قدِ اجتَمعَ في يَومِكم هذا عِيدانِ، فمَن شاءَ أَجزَأهُ مِنْ الجمُعةِ، وإنَّا مُجمِّعونَ» (٣)، ولأنَّه لو ترَكَها لامتنَعَ فِعلُ الجمُعةِ في حقِّ مَنْ تَجبُ عليه، ومَن يَردُها ممَّن سقَطَت عنه، بخِلافِ غيرِه مِنْ النَّاسِ، أمَّا مَنْ لم يُصلِّ العِيدَ فيَلزمُه السَّعيُ إلى الجمُعةِ بكلِّ حالٍ (٤).


(١) رواه أحمد (٤/ ٣٧٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢/ ٣٥٩).
(٢) «المغني» (٣/ ٨٤).
(٣) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (١٠٧٣)، وابن ماجه (١٣١١).
(٤) «المغني» (٣/ ٨٤، ٨٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٣١٩)، و «الإنصاف» (٢/ ٤٠٣، ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>