وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تيميَّةَ ﵀: عن رَجلَينِ تنازَعا في العِيدِ إذا وافَقَ الجمُعةَ، فقالَ أحدُهما: يَجبُ أن يُصلِّيَ العِيدَ ولا يُصلِّيَ الجمُعةَ، وقالَ الآخَرُ: يُصلِّيها؛ فما الصَّوابُ في ذلك؟
فأجابَ: الحَمدُ للهِ، إذا اجتَمعَ الجمُعةُ والعِيدُ في يَومٍ واحدٍ فلِلعُلماءِ في ذلك ثَلاثَةُ أَقوالٍ:
أحدُها: أنَّه تَجبُ الجمُعةُ على مَنْ شهِدَ العِيدَ، كما تَجبُ سائِرُ الجُمعِ؛ لِلعُموماتِ الدَّالةِ على وُجوبِ الجمُعةِ.
والثاني: تَسقُطُ عن أهلِ البَرِّ، مثلَ أهلِ العَوالي والشَّواذِّ؛ لأنَّ عُثمانَ بنَ عَفانَ أرخَصَ لهم في تَركِ الجمُعةِ؛ لمَّا صلَّى بهمُ العِيدَ.
والقولُ الثالِثُ -وهو الصَّحيحُ-: أنَّ مَنْ شهِدَ العِيدَ سقَطَت عنه الجمُعةُ، لكن على الإمامِ أن يُقِيمَ الجمُعةَ؛ ليَشهدَها مَنْ شاءَ شُهودَها، ومَن لم يَشهدِ العِيدَ، وهذا هو المَأثُورُ عن النَّبيِّ وأَصحابِه، كعمرَ وعُثمانَ وابنِ مَسعودٍ وابنِ عَباسٍ وابنِ الزُّبَيرِ، وغيرِهم، ولا يُعرَفُ عن الصَّحابةِ في ذلك خِلافٌ.
وأَصحابُ القولَينِ المُتقدمَينِ لم يَبلُغهم ما في ذلك مِنْ السُّنةِ عن النَّبيِّ، لمَّا اجتَمعَ في يَومِه عِيدانِ، صلَّى العِيدَ ثم رخَّصَ في الجمُعةِ، وفي لَفظٍ أنَّه قالَ:«أيُّها النَّاسُ، إنَّكم قد أصَبتُم خَيرًا، فمَن شاءَ أن يَشهَدَ الجمُعةَ فليَشهَد؛ فإنَّا مُجمِّعونَ».