للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الكاسانِيُّ : ولو أحدَثَ الإمامُ بعدَ الخُطبةِ قبلَ الشُّروعِ في الصَّلاةِ فقدَّمَ رَجلًا يُصلِّي بالنَّاسِ إن كانَ ممَّن شهِدَ الخُطبةَ، أو شَيئًا منها، جازَ، وإن لم يَشهدْ شَيئًا مِنْ الخُطبةِ لم يَجزْ، ويُصلِّي بهمُ الظُّهرَ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وهل يُشتَرطُ أن يَكونَ المُصلِّي ممَّن حضَرَ الخُطبةَ؟ فيه رِوايتانِ:

إحداهُما: يُشتَرطُ ذلك، وهو قولُ الثَّورِيِّ وأَصحابِ الرَّأيِ وأبي ثَورٍ؛ لأنَّه إمامٌ في الجمُعةِ، فاشتُرطَ حُضورُه الخُطبةَ، كما لو لم يَستخلِفْ.

والأُخرى: لا يُشتَرطُ، وهو قولُ الأَوزاعيِّ والشافِعيِّ؛ لأنَّه ممَّن تَنعقِدُ به الجمُعةُ؛ فجازَ أن يَؤُمَّ فيها، كما لو حضَرَ الخُطبةَ (٢).

وخالَفَ في ذلك المالِكيةُ، فذَهَبوا إلى وُجوبِ كَونِ الخَطيبِ والإمامِ واحدًا إلا لِعُذرٍ كمرَضٍ، وأَلَّا يقدِرَ الإمامُ على الخُطبةِ، أو لا يُحسِنُها (٣).

ورُويَ عن الإمامِ أحمدَ أنَّه لا يَجوزُ الاستِخلافُ لعُذرٍ ولا لغيرِه، قالَ في رِوايةِ حَنبَلٍ، في الإمامِ إذا أحدَثَ بعدَما خَطَبَ، فقدَّمَ رَجلًا يُصلِّي بهم: لم يُصلِّ بهم إلا أربَعًا، إلا أن يُعيدَ الخُطبةَ ثم يُصلِّيَ بهم رَكعَتينِ، وذلك لأنَّ هذا لم يُنقَلْ عن النَّبيِّ ، ولا عن أحَدٍ مِنْ خُلفائِه. قالَ ابنُ قُدامةَ: والمَذهبُ الأوَّلُ (٤).


(١) «معاني الآثار» (٢/ ٢٠٧)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٣٢٩).
(٢) «المغني» (٣/ ١٩)، و «حاشية الجمل» (٢/ ٥٨)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٤).
(٣) «شرح الجواهر الزكية» (١٣٣)، و «الإفصاح» (١/ ٢٤٥)، و «القوانين الفقهية» (٥٦).
(٤) «المغني» (٣/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>