للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه بعدَ شُروعِه في الصَّلاةِ، وما يُعتَدُّ به مِنْ فَرضِه، كما لو أَدركَ معه التَّسليمةَ الثَّانيةَ.

ولأنَّ كلَّ ما كانَ فَرضًا في صَلاةِ المُنفرِدِ لم تَسقطْ عنه بغيرِ إِدراكِ رُكوعِ الإمامِ، أصلُه إذا لحِقَ الإمامَ قد رفَعَ رَأسَه مِنْ الرُّكوعِ في سائرِ الصَّلواتِ، ولأنَّ الجَماعةَ شَرطٌ في الجمُعةِ؛ لأنَّه لا يَصحُّ للمُنفرِدِ فِعلُها، ومتى أجَزنا له بإِدراكِه الإمامَ في التشهُّدِ أن يَأتِيَ بجمُعةٍ، حصَلَ منه أن يَأتِيَ بها مُنفرِدًا؛ لأنَّه لم يَفعلْ مع الإمامِ شَيئًا يُعتَدُّ به منها، ولأنَّ إِدراكَ الصَّلاةِ يَكونُ بإِدراكِ رَكعةٍ؛ ليُضِيفَ الثَّانيةَ إلى أصلٍ تَكونُ تابِعةً له، وما دونَ الرَّكعةِ ليسَ بأصلٍ، فيَكونُ مَتبوعًا؛ لأنَّه لا حُكمَ له في الإِدراكِ كسائرِ الصَّلواتِ، ولأنَّ إِدراكَ الجمُعةِ يَتعلَّقُ بأمرَينِ: بالفِعلِ، والوقتِ، وقد ثبَتَ أنَّه لو أَدركَ مِنْ الوقتِ أقَلَّ مِنْ مِقدارِ رَكعةٍ، لم يَلزمْه السَّعيُ إلى الجمُعةِ، فكذلك إذا أَدركَ مِنْ فِعلِها مِثلَه.

وذهَبَ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ إلى أنَّه إذا أدرَكَه في سُجودِ الرَّكعةِ الثَّانيةِ، أو في التشهُّدِ، كانَ مُدرِكًا لِلجمُعةِ؛ لوُجودِ المُشارَكةِ في التَّحريمةِ، وكذلك إذا أدرَكَه بعدَما قعَدَ قَدرَ التشهُّدِ قبلَ السَّلامِ أو بعدَما سلَّمَ، وعليه سَجدةُ السَّهوِ، وعادَ إليهما.

واحتَجَّ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ بما رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «فما أَدرَكتُم فصَلُّوا، وما فاتَكُم فاقضُوا» (١)؛ أمرَ المَسبوقَ بقَضاءِ ما فاتَه، وإنَّما فاتَته صَلاةُ الإمامِ، وهي رَكعَتانِ.


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه النسائي (٨٦١)، وأحمد (٢/ ٢٣٨)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٣/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>