للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الدَّميريُّ الشافِعيُّ : وفي القَديمِ: يجوزُ التعزيرُ بالمالِ (١).

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : والتعزيرُ بالمالِ سائغٌ إتلافًا وأخذًا، وهو جارٍ على أصلِ أحمَدَ؛ لأنه لم يَختلفْ أصحابُه أنَّ العُقوباتِ في الأموالِ غيرُ مَنسوخةٍ كلَّها، وقولُ الشيخِ أبي مُحمدٍ المَقدسيِّ: «ولا يَجوزُ أخذُ مالِ المُعزَّرِ» فإشارةٌ منه إلى ما يَفعلُه الوُلاةُ الظلَمةُ (٢).

وممَّا احتَجَّ به مَنْ أجازَ التعزيرَ بالمالِ قولُ النبيِّ : «في كُلِّ سائِمةِ إبِلٍ في أربَعينَ بِنتُ لَبونٍ، ولا يُفرَّقُ إبِلٌ عن حِسابِها، مَنْ أعطَاها مُؤتَجِرًا -قالَ ابنُ العَلاءِ (راوِي الحَديثِ): مُؤتَجِرًا بها- فله أجْرُها، ومَن منَعَها فإنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه عَزْمةً مِنْ عَزَماتِ رَبِّنا ﷿ ليسَ لآلِ مُحمدٍ منها شيءٌ» (٣).

قالَ الحافِظُ شَمسُ الدِّينِ ابنُ القيِّمِ في «حاشِية ابنِ القيِّمِ على سُننِ أبي داودَ»: قولُه: «فإنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه» أكثَرُ العلماءِ على أنَّ الغُلولَ في الصَّدقةِ والغَنيمةِ لا يُوجبُ غَرامةً في المالِ، وقالوا: كانَ هذا في أولِ الإسلامِ ثم نُسخَ.

واستَدلَّ الشافِعيُّ على نَسخِه بحَديثِ البراءِ بنِ عازِبٍ فيما أفسَدَتْ ناقتُه، فلم يُنقلْ عن النبيِّ أنه أضعَفَ الغُرمَ، بل نُقلَ فيها حُكمُه بالضَّمانِ فقطْ.


(١) «النجم الوهاج» (٩/ ٢٤٠).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٦٠١)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٥٩).
(٣) حسن: رواه أبو داود (١٥٧٥)، وغيرُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>