وقالَ بعضُهم: يُشبهُ أنْ يكونَ هذا على سَبيلِ التوعُّدِ؛ ليَنتهيَ فاعلُ ذلكَ.
وقالَ بعضُهم:«إنَّ الحقَ يُستوفَى منه غيرَ مَتروكٍ عليه وإنْ تَلفَ شَطرُ مالِه، كرَجلٍ كانَ له ألفُ شاةٍ فتَلفَتْ حتى لم يبْقَ له إلا عِشرونَ، فإنه يُؤخذُ منه عَشرُ شياهٍ لصَدقةِ الألفِ وهو شَطرُ مالِه الباقي أو نِصفُه» وهو بعيدٌ؛ لأنه لم يَقلْ: إنَّا آخِذُوا شطْرَ مالِه.
وقالَ إبراهيمُ الحَربيُّ:«إنما هو: وشَطْر مالِه»، أي جَعلُ مالِه شَطرينِ ويَتخيَّرُ عليه المُصدقُ فيَأخذُ الصَّدقةَ مِنْ خيرِ النِّصفينِ عَقوبةً لمَنعِه الزكاةَ، فأما ما لا يَلزمُه فلا.
قالَ الخطَّابيُّ: ولا أعرفُ هذا الوجهَ. هذا آخِرُ كلامِه.
وقالَ بظاهرِ الحَديثِ الأوزاعيُّ والإمامُ أحمَدُ وإسحاقُ بنُ راهويهِ على ما فُصِّلَ عنهم، وقالَ الشافعيُّ في القَديمِ: مَنْ منَعَ زكاةَ مالِه أُخذَتْ منه وأُخذَ شَطرُ مالِه عُقوبةً على منعِه، واستَدلَّ بهذا الحَديثِ، وقالَ في الجَديدِ: لا يُؤخذُ منه إلا الزكاةُ لا غيرُ، وجعَلَ هذا الحَديثَ مَنسوخًا وقالَ: كانَ ذلكَ حينَ كانَتِ العُقوباتِ في المالِ ثم نُسخَتْ. هذا آخِرُ كلامِه.
ومَن قالَ:«إنْ بهزَ بنَ حَكيمٍ ثقةٌ» احتاجَ إلى الاعتذارِ عن هذا الحَديثِ بما تقدَّمَ، فأما مَنْ قالَ:«لا يُحتجُّ بحَديثِه» فلا يَحتاجُ إلى شَيءٍ مِنْ ذلكَ، وقد قالَ الشافعيُ في بهزٍ:«ليسَ بحُجةٍ»، فيَحتملُ أنْ يكونَ ظهَرَ له ذلكَ منه بعدَ اعتذارِه عن الحَديثِ أو أجابَ عنه على تَقديرِ الصِّحةِ، وقالَ أبو حاتمٍ الرازيُّ في بهزِ بن حَكيمٍ: هو شَيخٌ يُكتبُ حَديثُه ولا يُحتجُّ به، وقالَ البُستيُّ: كان يُخطِئُ كثيرًا.