للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ عابدِينَ : مَطلبٌ في التَّداوي بالمُحرَّمِ:

قولُه: (اختُلفَ في التَّداوِي بالمُحرَّمِ) ففي «النهايَة» عن «الذَّخيرَة»: يجوزُ إنْ عَلِمَ فيه شفاءً ولم يَعلمْ دَواءً آخَرَ.

وفي «الخانيَّة» في معنَى قولِه : «إنَّ اللهَ لم يَجعلْ شِفاءَكُم فيما حرَّمَ عليكُم» كما رَواهُ البخاريُّ: أنَّ ما فيهِ شِفاءٌ لا بأسَ بهِ كما يَحلُّ الخَمرُ للعَطشانِ في الضَّرورةِ، وكذا اختارَه صاحِبُ «الهدايَة» في التَّجنيسِ فقالَ: لو رَعَفَ فكتَبَ الفاتِحةَ بالدمِ على جَبهتِه وأنفِه جازَ للاستشفاءِ، وبالبَولِ أيضًا إنْ عَلِمَ فيه شفاءً لا بأسَ به، لكنْ لم يُنقلْ؛ وهذا لأنَّ الحُرمةَ ساقِطةٌ عندَ الاستِشفاءِ، كحِلِّ الخَمرِ والمَيتةِ للعَطشانِ والجائعِ. اه مِنْ «البَحْر».

وأفادَ سيدِي عبدُ الغنيِّ أنه لا يَظهرُ الاختِلافُ في كَلامِهم؛ لاتِّفاقِهم على الجَوازِ للضَّرورةِ، واشتَراطَ صاحِبُ «النِّهاية» العِلمَ لا يُنافيهِ اشتِراطُ مَنْ بعدَه الشفاءَ، ولذا قالَ والدِي في «شَرح الدُّرَر»: إنَّ قولَه: «لا للتَّداوِي» مَحمولٌ على المَظنونِ، وإلا فجَوازُه باليقينِ اتِّفاقٌ كما صرَّحَ به في «المُصفَّى». اه

أقولُ: وهو ظاهِرٌ موافِقٌ لِما مَرَّ في الاستِدلالِ لقَولِ الإمامِ، لكنْ قد عَلِمتَ أنَّ قولَ الأطباءِ لا يَحصلُ به العِلمُ، والظاهِرُ أنَّ التجربةَ يَحصلُ بها غلَبةُ الظَّنِّ دونَ اليقينِ، إلا أنْ يُريدُوا بالعِلمِ غَلبةَ الظنِّ، وهو شائعٌ في كَلامِهم، تأمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>