للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أنَّ مَريضًا أشارَ إليه الطَّبيبُ بشُربِ الخَمرِ فإنه يَنظرُ؛ إنْ كانَ يَعلمُ يَقينًا أنه يَصحُّ حَلَّ له التناوُلُ، وفي قَولٍ: أنه لا يَحلُّ له التناولُ (١).

وقالَ ابنُ نُجيمٍ : قد وقَعَ الاختلافُ بينَ مَشايخِنا في التداوِي بالمُحرَّمِ، ففِي «النهايَة» عن «الذَّخيرَة»: الاستِشفاءُ بالحَرامِ يَجوزُ إذا عُلمَ أنَّ فيه شفاءً ولم يُعلمْ دَواءٌ آخَرُ. اه

وفي «فَتاوى قاضِيخان» مَعزيًّا إلى نَصرِ بنِ سلامٍ: معنَى قولِه : «إنَّ اللهَ لم يَجعلْ شِفاءَكُم فيما حرَّمَ عليكُم» إنما قالَ ذلكَ في الأشياءِ التي لا يَكونُ فيها شِفاءٌ، فأما إذا كانَ فيها شِفاءٌ فلا بأسَ به، ألَا تَرى أنَّ العَطشانَ يَحلُّ له شُربُ الخمرِ للضَّرورةِ. اه

وكذا اختارَ صاحِبُ «الهِدايَة» في التَّجنيسِ، فقالَ: إذا سالَ الدمُ مِنْ أنفِ إنسانٍ يَكتبُ فاتِحةَ الكتابِ بالدمِ على جَبهتِه وأنفِه يَجوزُ ذلكَ للاستِشفاءِ والمُعالَجةِ، ولو كتَبَ بالبولِ إنْ عَلِمَ أنَّ فيه شِفاءً لا بأسَ بذلكَ، لكنْ لم يُنقلْ؛ وهذا لأنَّ الحُرمةَ ساقِطةٌ عندَ الاستشفاءِ، ألَا تَرى أنَّ العَطشانَ يَجوزُ له شُربُ الخَمرِ والجائِعَ يَحلُّ له أكلُ المَيتةِ (٢).

وجاءَ في «الدُّر المُختَار»: اختُلفَ في التَّداوي بالمُحرَّمِ، وظاهِرُ المَذهبِ المَنعُ كما في رَضاع «البَحر»، لكنْ نقَلَ المُصنِّفُ ثَمَّةَ وهُنا عن «الحاوي»: وقيلَ: يُرخَّصُ إذا عُلِمَ فيه الشفاءُ ولم يُعلمْ دَواءٌ آخَرُ كما رُخَّصَ الخَمرُ للعَطشانِ، وعليهِ الفَتوى.


(١) «المحيط البرهاني» (٥/ ٢٤٠)، و «العناية» (١٤/ ٣٠٢)، و «درر الحكام» (٤/ ٧).
(٢) «البحر الرائق» (١/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>