للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المَولودُ بدارِ الإسلامِ إذا شَربَ الخَمرَ وهو بالغٌ فعَليهِ الحَدُّ ولا يُصدَّقُ أنه لم يَعلمْ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو قَرُبَ إسلامُه فقالَ: «جَهِلتُ تَحريمَها» لم يُحَدَّ؛ لأنه قد يَخفى عليه ذلكَ، والحُدودُ تُدرأُ بالشبُهاتِ، وهذا ظاهرٌ في غيرِ مَنْ نشَأَ في بلادِ الإسلامِ.

أما مَنْ نَشأَ في بلادِ الإسلامِ وكانَ مُخالِطًا للمُسلمينَ وأسلَمَ ثم ادَّعى بعدَ ذلكَ أنه لا يَعلمُ أنها حَرامٌ على المُسلمينَ فقَولانِ في المَذهبِ:

أحَدُهما: لا يُقبلُ قولُه؛ لأنَّ الظاهرَ أنه يَعلمُ تَحريمَها على المُسلمينَ، وهو قَولُ الأذرعيِّ، واختارَه الدَّميريُّ وابنُ حَجرٍ والرَّمليُّ وغيرُهم.

والثاني: لا حَدَّ عليهِ ويُقبلُ قَولُه، اختارَه الخَطيبُ الشَّربينيُّ، قالَ: وظاهرُ كلامِ الأصحابِ الإطلاقُ، وهو الظاهِرُ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: مَنْ شَربَ الخَمرَ غيرَ عالِمٍ بتَحريمِها فلا حَدَّ عليه أيضًا؛ لأنَّ عُمرَ وعُثمانَ قالا: «لا حَدَّ إلا على مَنْ عَلِمَه»، ولأنه غيرُ عالِمٍ بالتحريمِ، أشبَهَ مَنْ لم يَعلمْ أنها خَمرٌ، وإذا ادَّعى الجَهلَ بتَحريمِها نظَرْنا؛ فإنْ كانَ ناشئًا ببَلدِ الإسلامِ بينَ المُسلمينَ لم تُقبلْ دَعواهُ؛ لأنَّ هذا لا يكادُ


(١) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٣٩).
(٢) «مغني المحتاج» (٥/ ٥٠٨)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٢٢٥)، و «تحفة المحتاج» (١١/ ٩٥)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>