ببَعضٍ في التماثُلِ، ولأنَّ الحُدودَ تَترتبُ بحَسبِ اختلافِ الإجرامِ، فما كانَ جُرمُه أغلَظَ كانَ حَدُّه أكثَرَ، ولأنَّ الزنا لمَّا غَلُظَ جُرمُه للاشتِراكِ فيه غَلُظَ حَدُّه، والقَذفُ لمَّا اختَصَّ كانَ حَدُّه أكثَرِ بالتعدِّي إلى واحِدٍ كانَ أخَفَّ مِنْ الزِّنا، والخَمرُ لمَّا اختَصَّ بواحدٍ لم يَتعدَّ عنهُ وجَبَ أنْ يكونَ أخَفَّ مِنْ القَذفِ.
وهذا إذا كانَ حُرًّا، وإنْ كانَ عَبدًا فالواجِبُ عليه عِشرونَ جَلدةً؛ لأنه حَدٌّ يَتبعَّضُ، فكانَ على النِّصفِ مِنْ الحُرِّ كالجَلدِ في الزنى …
قالَ الإمامُ العَمرانِيُّ ﵀: فإنْ رَأى الإمامُ أنْ يَحُدَّ الحُرَّ أكثرَ مِنْ الأربَعينَ إلى الثمانينِ، وتَكونُ الزِّيادةُ على الأربَعينَ تَعزيرًا، أو يَحدَّ العبدَ أكثرَ مِنْ عِشرينَ إلى أربَعينَ، وتَكونُ الزِّيادةُ على العِشرينَ تَعزيرًا .. جازَ؛ لِما رَوى أبو وَبرةَ الكَلبيُّ قالَ: «أرسَلَني خالِدُ بنُ الوليدِ إلى عُمرَ، فأَتيتُه ومعَه عثمانُ وعليٌّ وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ وطَلحةُ والزُّبيرُ، فقلتُ: إنَّ خالِدًا يَقرأُ عَليكَ السَّلامَ ويقولُ: إنَّ الناسَ قد انهَمَكوا في الخَمرِ وتَحاقَروا العُقوبةَ فيه؟ فقالَ عُمرُ: فما تَرَونَ؟ فقالَ عليٌّ: إنه إذا شَربَ .. سَكِرَ، وإذا سَكرَ .. هذَى، وإذا هذَى .. افتَرى، فيُحَدُّ حَدَّ المُفتَري، فقالَ عُمرُ: أَبلِغْ صاحِبَكَ ما قالَ، فجلَدَ خالِدُ ثَمانينَ، وجلَدَ عُمرُ ثَمانينَ، وكانَ عُمرُ ﵁ إذا أُتِيَ بالرجلِ المُنهمِكِ بالشُّربِ .. جلَدَه ثَمانينَ، وإذا أُتِيَ بالرجلِ الضعيفِ الذي كانَتْ منه الزلَّةُ .. جلَدَه أربَعينَ» (١).
(١) حَدِيثٌ ضَعَيفٌ: رواه الحاكم في «المستدرك» (٨١٣١)، والدراقطني (٣٣٢١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٧٣١٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute