للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهِ والصَّلبُ؛ لقولِه تعالَى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)[المائدة: ٣٤].

ولا تَسقطُ حُقوقُ الآدميِّينَ -وهو: حَدُّ القَذفِ وضَمانُ الأموالِ والقِصاصُ- بالتوبةِ بحالٍ، سَواءٌ كانَ مُحارِبًا أو غيرَ مُحاربٍ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : اتَّفقَ العُلماءُ فيما أعلَمُ على أنَّ قاطعَ الطَّريقِ واللِّصَ ونحوَهما إذا رُفِعوا إلى وَليِّ الأمرِ ثم تابوا بعدَ ذلك لم يَسقطِ الحَدُّ عنهُم، بل تَجبُ إقامتُه وإنْ تابوا، فإنْ كانوا صادِقينَ في التوبةِ كانَ الحَدُّ كفَّارةً لهم، وكانَ تَمكينُهم مِنْ ذلكَ مِنْ تَمامِ التَّوبةِ بمَنزلةِ رَدِّ الحُقوقِ إلى أهلِها والتَّمكينِ مِنْ استِيفاءِ القِصاصِ في حُقوقِ الآدميِّينَ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : البابُ الرابعُ في مُسقِطِ الواجِبِ عنهُ مِنْ التوبةِ.

وأما ما يُسقطُ الحَقَّ الواجِبَ عليه فإنَّ الأصلَ فيه قولُه تعالَى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة: ٣٤].

واختُلفَ مِنْ ذلكَ في أربَعةِ مَواضعَ:

أحَدُها: هل تُقبلْ تَوبتُه، والثاني: إنْ قُبِلتْ فما صِفةُ المُحارِبِ الذي تُقبلُ تَوبتُه، فإنَّ لأهلِ العِلمِ في ذلكَ قولَينِ:


(١) «البيان» (١٢/ ٥١٠، ٥١١).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>