قولٌ: إنه تُقبلُ تَوبتُه، وهو أشهَرُ؛ لقَولِه تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة: ٣٤].
وقَولٌ: إنه لا تُقبلُ تَوبتُه، قالَ ذلكَ مَنْ قالَ: إنَّ الآيةَ لم تَنزلْ في المُحارِبينَ.
وأما صِفةُ التَّوبةِ التي تُسقطُ الحُكمَ فإنهُم اختَلفُوا فيها على ثَلاثةِ أقوالٍ: أحَدُها: أنَّ تَوبتَه تكونُ بوَجهينِ:
أحَدُهما: أنْ يَتركَ ما هو عليهِ وإنْ لم يَأتِ الإمامَ.
والثَّاني: أنْ يُلقيَ سِلاحَه ويأتِيَ الإمامَ طائعًا، وهو مَذهبُ ابنِ القاسِمِ.
والقولُ الثاني: أنَّ تَوبتَه إنما تكونُ بأنْ يَتركَ ما هو عليهِ ويَجلسَ في مَوضعِه ويَظهرَ لجِيرانِه، وإنْ أتَى الإمامَ قبلَ أنْ تَظهرَ تَوبتُه أقامَ عليهِ الحَدَّ، وهذا قَولُ ابنُ الماجشُونِ.
والقَولُ الثالثُ: إنَّ تَوبتَه إنما تكونُ بالمَجيءِ إلى الإمامِ، وإنْ ترَكَ ما هو عليهِ لم يُسقطْ ذلكَ عنه حُكمًا مِنْ الأحكامِ إنْ أُخذَ قبلَ أنْ يأتِيَ الإمامَ، وتَحصيلُ ذلكَ هو أنَّ تَوبتَه قيلَ: إنها تكونُ بأنْ يأتِيَ الإمامَ قبلَ أنْ يُقدرَ عليهِ، وقيلَ: إنها تَكونُ إذا ظهَرَتْ تَوبتُه قبلَ القُدرةِ فقط، وقيلَ: تكونُ بالأمرَينِ جَميعًا.
وأما صِفةُ المُحارِبِ الذي تُقبلُ تَوبتُه فإنهُم اختَلفوا فيها أيضًا على ثَلاثةِ أقوالٍ:
أحَدُها: أنْ يَلحقَ بدارِ الحَربِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute