للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَواءٌ كانَ مُوسِرًا أو مُعسِرًا؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، فاقتَضى الظاهرُ قطْعَه وإنْ أُغرِمَ، ولأنَّ مَنْ غصَبَ جاريةً فزنَا بها وجَبَ عليه الحَدُّ ويَردُّها إنْ كانَتْ باقيةً، ويَردُّ قيمتَها إنْ كانَتْ تالِفةً، فيُجمَعُ عليه بينَ الحَدِّ والغُرمِ، كذلكَ في السَّرقةِ.

وتَحريرُه قياسًا: أنَّ حُدودَ اللهِ تعالَى لا تُوجِبُ سُقوطَ الغُرمِ كالزنا بالجارِيةِ المَغصوبةِ، ولأنَّ كلَّ عَينٍ وجَبَ القَطعُ مع رَدِّها وجَبَ القَطعُ مع رَدِّ بَدلِها، كما لو باعَها السارقُ واستَهلكَ ثمَنَها قُطعَ مع رَدِّ بَدلِ الثَّمنِ كما يُقطَعُ مع رَدِّ الثَّمنِ، كذلكَ في حَقِّ المِلكِ، ولأنَّ القَطعَ وجَبَ بإخراجِها مِنْ الحِرزِ والغُرمَ وجَبَ باستِهلاكِها، وكلُّ حَقَّينِ وجَبَا بسَببَينِ مُختلِفينِ جازَ الجَمعُ بينَهُما، كقَتلِ الصَّيدِ المَملوكِ يُجمَعُ فيهِ بينَ الجَزاءِ والقيمةِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : واختَلفُوا هل يُجمَعُ الغُرمُ مع القَطعِ؟

فقالَ قَومٌ: عليهِ الغُرمُ مع القَطعِ، وبه قالَ الشافِعيُّ وأحمَدُ والليثُ وأبو ثَورٍ وجَماعةٌ.

وقالَ قَومٌ: ليسَ عليهِ غُرمٌ إذا لم يَجدِ المَسروقُ منه مُتاعَه بعَينِه، وممَّن قالَ بهذا القَولِ أبو حَنيفةَ والثَّوريُّ وابنُ أبي لَيلى وجَماعةٌ.


(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٤٢، ٣٤٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «المغني» (٩/ ١١٣)، و «المبدع» (٩/ ١٤٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٨٩)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>