للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: اللَّهمَّ تُبْ عَليهِ» (١)، فلَولا أنَّ القَطعَ يَسقطُ بالرُّجوعِ لَمَا عرَّضَ له النبيُّ بالرُّجوعِ، ولأنه حَقٌّ للهِ تعالَى، فيَسقطُ كحَدِّ الزِّنى.

ولأنَّ الحُدودَ تُدرَأُ بالشبُهاتِ، ورُجوعُه عنه شُبهةٌ؛ لاحتِمالِ أنْ يكونَ كذَبَ على نفسِه في اعتِرافِه، ولأنه أحَدُ حُجَّتَي القَطعِ، فيَبطلُ بالرُّجوعِ عنه كالشهادةِ، ولأنَّ حُجةَ القَطعِ زالَتْ قبلَ استيفائِه، فسَقطَ كما لو رَجعَ الشهودُ، وفارقَ حَقَّ الآدَميِّ؛ فإنه مَبنيٌّ على الشُّحِّ والضِّيقِ (٢).

قالَ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ : اتَّفقَ مالكٌ والشَّافعيُّ وأبو حَنيفةَ وأصحابُه أنه يُقبَلُ رُجوعُ المُقِرِّ بالزنى وشُربِ الخَمرِ، وكذلكَ السرقةُ إذا أقَرَّ بها السارِقُ مِنْ مالِ الرَّجلِ وحِرزِه فأكذَبَه ذلكَ الرَّجلُ ولم يَدَّعِ السرقةَ ثم رجَعَ السارقُ عن إقرارِه قُبِلَ إقرارُه عندَ مالِكٍ ومَن ذكَرْنا معه (٣).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : فإنْ رجَعَ عن إقرارِه سقَطَ عنه القَطعُ، وبه قالَ أكثَرُ أهلِ العِلمِ (٤).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : هذا قَولُ أكثرِ الفُقهاءِ (٥).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٤٣٨٠)، والنسائي (٤٨٧٧)، وابن ماجه (٢٥٩٧)، وأحمد (٢٢٥٦١).
(٢) «البيان» (١٢/ ٤٨٣)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٦)، و «المغني» (٩/ ١١٩).
(٣) «الاستذكار» (٧/ ٥٠٢).
(٤) «البيان» (١٢/ ٤٨٣).
(٥) «المغني» (٩/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>