للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: أنْ يكونَ عاقلًا مُميِّزًا يُفرِّقُ بينَ أمرِ سيِّدِه وغيرِ سيِّدِه، فلا قطْعَ على سارقِه؛ لأنَّ هذا يَكونُ مُخادعًا ولا يكونُ مَسروقًا.

والثَّاني: أنْ يَكونَ صَغيرًا أو أعجَميًّا لا يَعقلُ عقْلَ المُميزِ ولا يُفرِّقُ بينَ أمرِ سيِّدِه وغيرِه، فالقَطعُ على سارقِه واجبٌ، وبه قالَ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ ومُحمدٌ، وقالَ أبو يُوسفَ: «لا قطْعَ عليهِ؛ لأنه لمَّا لم يُقطَعْ بسَرقتِه إذا كانَ كَبيرًا لم يُقطعْ بها إذا كانَ صَغيرًا كالحُرِّ»، وهذا خَطأٌ؛ لأنه حَيوانٌ مَملوكٌ لا تَمييزَ له، فوجَبَ أنْ يُقطَعَ بسَرقتِه كالبَهيمةِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإنْ سرَقَ عَبدًا صَغيرًا فعَليهِ القَطعُ في قولِ عامةِ أهلِ العِلمِ، قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ على هذا كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ، منهُم الحسَنُ ومالكٌ والثوريُّ والشافِعيُّ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وأبو حَنيفةَ ومُحمدٌ.

والصَّغيرُ الذي يُقطَعُ بسَرقتِه هو الذي لا يُميِّزُ، فإنْ كانَ كَبيرًا لم يُقطَعْ سارقُه، إلا أنْ يَكونَ نائمًا أو مَجنونًا أو أعجَميًّا لا يُميِّزُ بينَ سيِّدِه وبينَ غيرِه في الطاعةِ فيُقطَعُ سارقُه.

وقالَ أبو يُوسفَ: لا يُقطعُ سارقُ العبدِ وإنْ كانَ صَغيرًا؛ لأنَّ مَنْ لا يُقطعُ بسَرقتِه كبيرًا لا يُقطعُ بسَرقتِه صَغيرًا كالحُرِّ.

ولنا: إنه سرَقَ مالًا مَملوكًا تَبلغُ قِيمتُه نِصابًا، فوجَبَ القطعُ عليهِ كسائرِ الحيَواناتِ، وفارَقَ الحُرَّ؛ فإنه ليسَ بمالٍ ولا مَملوكٍ، وفارَقَ الكبيرَ؛ لأنَّ


(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>