للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتمولُ عادةً، قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ولا أعلَمُ في هذا خِلافًا (١).

وقالَ أيضًا : وإنْ سرَقَ كَلأً أو مِلحًا فقالَ أبو بَكرٍ: لا قطْعَ فيهِ؛ لأنه ممَّا ورَدَ الشَّرعُ باشتِراكِ الناسِ فيهِ، فأشبَهَ الماءَ.

وقالَ أبو إسحاقَ بنُ شاقِلَا: فيه القَطعُ -وهو مَذهبُ المالِكيةِ (٢) -؛ لأنه يَتمولُ عادةً، فأشبَهَ التِّبنَ والشَّعيرَ.

وأما الثَّلجُ فقالَ القاضِي: هو كالماءِ؛ لأنه ماءٌ جامِدٌ، فأشبَهَ الجَليدَ، والأشبَهُ أنه كالمِلحِ، لأنه يَتمولُ عادةً، فهو كالمِلحِ المُنعقدِ مِنْ الماءِ.

وأما التُّرابُ فإنْ كانَ ممَّا تَقِلُّ الرغَباتُ فيه كالذي يُعَدُّ للتَّطيينِ والبناءِ فلا قطْعَ فيهِ؛ لأنه لا يَتمولُ، وإنْ كانَ ممَّا له قِيمةٌ كَثيرةٌ كالطينِ الأرمَنيِّ الذي يُعَدُّ للدَّواءِ أو المُعَدُّ للغَسلِ به أو الصَّبغِ كالمَغْرَةِ احتَملَ وَجهينِ:

أحَدُهما: لا قطْعَ فيه؛ لأنه مِنْ جِنسِ ما لا يَتمولُ، أشبَهَ الماءَ.

والثَّاني: فيه القَطعُ؛ لأنه يَتمولُ عادةً ويُحمَلُ إلى البُلدانِ للتجارةِ فيهِ، فأشبَهَ العُودَ الهِنديَّ.

ولا يُقطَعُ بسَرقةِ السِّرجينِ؛ لأنه إنْ كانَ نَجسًا فلا قِيمةَ له، وإنْ كانَ طاهرًا فلا يَتمولُ عادةً ولا تَكثرُ الرغَباتُ فيه، فأشبَهَ التُّرابَ الذي للبناءِ.

وما عُملَ مِنْ التُّرابِ كاللَّبِنِ والفخَّارِ ففيهِ القَطعُ؛ لأنه يَتموَّلُ عادةً (٣).


(١) «المغني» (٩/ ٩٧).
(٢) «تحبير المختصر» (٥/ ٣٤٦).
(٣) «المغني» (٩/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>